حوار مع «الإخوان»

تم نشره الثلاثاء 22nd شباط / فبراير 2011 02:12 صباحاً
حوار مع «الإخوان»
عريب الرنتاوي

ضاق صدر العزيز زكي بني ارشيد بحديثنا عن حاجة الحركة الإسلامية لمغادرة بعض "المربعات الرمادية" في مواقفها وسياساتها ، ودعوتنا الحركة لتوجيه رسائل طمأنينة للحلفاء والأصدقاء والشركاء في الوطن والمجتمع والدولة ، فضلاً عن حاجتها وحاجتنا لتوجيه رسائل مماثلة لكل من يعنيهم أمر الأردن ، موقعاً ودوراً ، مواقف وسياسات...مصدر ضيق صديقنا أن الحركة لم تتوقف عن تلقي هكذا "اتهامات" و"مطالبات" ، وأنها لم تتوقف استتباعاً عن الشرح والتوضيح...لافتاً في ذورة التعبير عن الضيق ، إلى أن "الغربيين" ربما كانون قد فهموا رسالة الحركة ومواقفها ، فيما أهل البيت ما زالوا بقلقهم وشكوكهم وتساؤلاتهم ؟،.

لست أدري إن كان ضيق الأخ بني ارشيد يعكس ضيقاً حركياً جماعياً من ملاحظات كهذه ، أم أنه يعبر عن حالة خاصة أو فردية ، أو أنه يجمل رأي فريق من الحزب والجماعة ، لكنني مع ذلك أرى أنه يتعين على الحركة الإسلامية أن تميز بدقة بين دعوات تصدر عن جهات صديقة ، يقصد بها دفع عملية المشاركة والإصلاح والتغيير للأمام ، من دون مخاوف أو قلق أو شكوك ، وأخرى تصدر عن جهات "عرفية" ، "إقصائية" هدفها الأول والأخير وضع الإسلاميين في أضيق الزوايا ، أو كما يقال: إحراجهم وإخراجهم.

نحن في الأصل ، من أنصار نظرية "تحوّل" الإسلاميين ، نقيضاً لنظرية "فالج ما تعالج" التي تتبناها قوى ومراكز وحكومات ، وفي هذا السياق جاء اهتمامنا بشعار "نحو خطاب إسلامي ديمقراطي مدني" ، حيث نظمنا المؤتمرات والندوات وأصدرنا ثلاثة كتب من ضمن هذه السلسلة ، ما يجعلنا ركنا مبادراً في هذا الجدل ، وإن كنا لا ننتمي سياسياً وفكرياً لأي من مدارس الإسلام السياسي.

ونحن استتباعاً ، نرقب باهتمام التطور الملموس الذي طرأ على خطاب الحركة الإسلامية خلال السنوات الأخيرة ، وبالأخص منذ اعتماد وثيقة الإصلاح في 2005 ، ونثني على انفتاح الحركة على أحزاب وتيارات وشخصيات من خارجها ، وفي هذا السياق ثمّنا مبادرة الأمس حين استضافت قيادة الحزب والجماعة ، نخبة من الكتاب والصحفيين في حوار صريح ومفتوح حول مختلف عناوين اللحظة السياسية الضاغطة ، وهي بالمناسبة ليست المبادرة الأولى على هذا الصعيد...كما أننا سجّلنا ونسجل بارتياح ما صدر عن إخوان مصر وتونس من مواقف وسياسات ، ذهبت جميعها في سياق التجاوب مع رياح الثورة والتغيير ، من دون افتئات على أدوار الآخرين أو مصادرة لها ، بل ومن دون محاولة "المنطق الخاص بالجماعية" على بقية المكونات الاجتماعية والسياسية.

لكننا مع ذلك لا ننطلق من فراغ ونحن نثير أسئلة "المربعات الرمادية" و"رسائل الطمأنينة والاطمئنان" ، فجيمع تجارب الحكم الدينية ، لم تولّد مناخات من الثقة والإطمئنان إلى نية الإسلاميين وإرادتهم السياسية وأجندتهم العقائدية ، في حفظ الحريات وصون التعددية وتكريس مبادئ التداول السلمي للسلطة ، وهذا بحد ذاته يكفي لإبقاء هذه الأسئلة مفتوحة باستمرار ، ومطروحة على مائدة الجدل إلى أن تجيب "التجربة" وليست "النظرية" فقط عليها.

قد يقول قائل ، أن الإخوان لم يقدّر لهم أن يمارسوا تجربة الحكم في أي دولة عربية - أو حتى إسلامية - لكي يصار إلى إطلاق الأحكام والمخاوف ، وهذا صحيح ، بيد أنه صحيح جزئيا فقط...فهم حكموا في غزة ، وتجربة الإخوان هناك على صعيد الحريات والتعددية والديمقراطية ، ليست جاذبة أبداً ، بدلالة ما واجهته الفصائل وقوى المجتمع المدني و"المختلفون" سياسياً وفكرياً من عنت خلال الأعوام الأربع الفائتة جراء محاولات حماس فرض ثقافتها وطابعها الخاص على المجتمع برمته...ويكفي أن نشير إلى أننا في الوقت الذي نقف مع الإخوان ، حزباً وجماعة ، ضد "قانون الاجتماعات العامة" المعمول به هنا في الأردن ، لا يسعنا إلا أن ندين ، وبنفس الشد قانون الاجتماعات العامة المعمول به هناك ، في قطاع غزة ، وتحت حكم حماس والإخوان المسلمين".

وهم حكموا جزئياً في السودان قبل أن تنهار تجربة "نظام الرأسين"...وهم تعاطفوا مع تجارب إسلامية في الحكم ، إنتهت إلى ما نعرف جميعاً من كوارث وخراب.

سنكون أكثر وضوحاً في حديثنا عن "رسائل الطمأنينة" و"المربعات الرمادية"...فنحن نريد أن نتعرف أكثر عن شكل الدولة ونظام الحكم السياسي من منظور الإخوان ، هل هي دولة دينية أم مدنية ، موقع الشريعة ودورها ، هل يمكن تطبيق الشريعة والحديث عن دولة مدنية في الوقت ذاته...ماذا بشأن حرية الفكر والاعتقاد ، حقوق المرأة والأقليات ، ناهيكم بالطبع عن أسئلة التداول السلمي للسلطة.

وقد يقول قائل ، أن الحري بنا أن نوجه هذه الأسئلة للتيارات العقائدية من يسارية وقومية التي حكمت المنطقة لسنوات وعقود ، وأشاعت فيها كل مظاهر الظلم والقهر والفساد والاستبداد...هذا صحيح ، وصحيح تماماً ، ومن دون أية تحفظات...لكن الصحيح كذلك ، أننا ما عدنا نثير هذه الأسئلة في وجه هذه التيارات ، ليس لأنها انتقلت إلى ضفاف الحرية والتعددية والديمقراطية ، بل لأن فرصها في قيادة الشارع والوصول إلى السلطة ، تبدو ضعيفة ، بل ومعدومة تماماً.

فليتّسع صدر الإخوان لملاحظات ونداءات مجادليهم من قوى وتيارات وشخصيات تنتمي لمدارس أخرى ، خصوصاً إن كانت مدارس تؤمن بحق الإخوان في المشاركة وتدعو لرفع القيود والمظالم التي فرضت عليهم في كثير من الدول والمجتمعات العربية ، ، ولعل من أولى شروط الحوار الوطني ومقتضياته ، أن تتسع صدورنا جميعاً لما يصدر عنّا جميعاً من ملاحظات وانتقادات ، فالحوار لا يجري بين "متطابقين" و"متجانسين" ، الحوار يجري بين "مختلفين".

 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات