العالم العربي والتغيير القادم

تم نشره السبت 15 حزيران / يونيو 2019 12:24 صباحاً
العالم العربي والتغيير القادم
د. رحيل محمد غرايبة

العالم العربي يتجه نحو التغيير الحتمي المتوافق مع سنن الطبيعة والكون، والمتوافق مع التغير الإنساني والتقدم الحضاري على صعيد قافلة البشرية كلها على وجه الأرض، فيما يخص إدارة الدول والشعوب، وسائر المجتمعات الإنسانية في كل بقاع العالم، ولن يظل العالم العربي بقعة عمياء مظلمة في الخارطة الديمغرافية الإنسانية، ولن تبقى الأقطار العربية خارج إطار الديمقراطية والوصول إلى الطريقة المشروعة في فرز أصحاب السلطة، وخارج قدرة الشعوب في المحاسبة الجادة التي تكفل حفظ المقدرات العامة وإدارة الشؤون المشتركة بطريقة جماعية صحيحة تخلو من كل أشكال الاستبداد والحكم الديكتاتوري المطلق الذي كان يشكل أحد معالم الحقب التاريخية المغرقة في الظلام والتخلف والعبودية.
لقد بدأ التحول في كثير من أقطار أوروبا الشرقية التي كانت ضمن المنظومة الاشتراكية ومنضوية في إطار الاتحاد السوفياتي في أواخر القرن المنصرم، ثم بدأت معالم التحول في كثير من الأقطار الآسيوية وبعض الأقطار الافريقية، وبعضها قطع شوطاً معتبراً على صعيد تطوير الأنظمة الحاكمة وطريقة اختيار أصحاب السلطة، وترافق ذلك مع تغير واضح طال مرافق الحياة الأخرى وخاصة طرق التنمية والاستثمار وتحسين طرق الحياة والمساءلة والمراقبة للأداء العام، وحفظ المال العام وصيانة مرافق الدولة وتقليل حجم الفساد، وتضييق مسالك النخب في الاستئثار بالمقدرات العامة واستغلال السلطة من أجل الإثراء وجمع الأموال.
بدأت الشعوب العربية بالململة والتمرد على الأنظمة المتسلطة، واندلعت المظاهرات في الشارع التي أدت إلى سقوط بعض الأنظمة، إلّا أن ثورات الشعوب العربية باتت غير مكتملة، إذ إنها وقعت في الفوضى والاحتراب الداخلي، وتناحر النخب على السلطة؛ ما أتاح لبعض القوى العالمية والإقليمية أن تدس أنفها في تسيير دفة الأحداث، وتم حدوث اختراقات خارجية مؤثرة استطاعت أن تعمل على إحداث ثورة مضادة؛ ما أفشل عملية التغيير الشعبي.
ثورات الشعوب العربية غير المكتملة ليست آخر المطاف، ولم تفلح الثورات المضادة من إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، ولن تقف قوة في الأرض أمام سير الشعوب الطبيعي نحو الحرية والاستقلال، حتى لو استطاعت تأخير ساعة التغيير إلى أمد محدود، ولكن كل الأموال التي يتم انفاقها على تعطيل ثورات الشعوب وشراء الذمم لن توقف مدحلة الزمن التي ستطوي هذه الحقبة بكل مدخلاتها ومخرجاتها.
أعتقد أن الذكاء ينبغي أن يتركز في عملية الاستعداد للتغيير القادم، وأن يتم تسخير الجهود في تهيئة الشعوب لعملية التمكين المطلوبة، التمكين من الاختيار والتمكين من المحاسبة والمراقبة، والتمكين من حفظ مقدرات الدولة وصيانة المال العام، وتمكين الشعوب من المشاركة في إدارة الشؤون بنفسها، وتمكينها من تحسين طريقة الفرز للقوي الأمين القادر على صناعة النهوض الجمعي الكبير الذي تشترك فيه كل طاقات المجتمع وكل مكوناته وشرائحه في إطار من العدالة والنزاهة والشفافية وإرساء معايير تكافؤ الفرص بكل صرامة.

الدستور - الجمعة 14 حزيران / يونيو 2019.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات