عن «قانون الانتخاب» ... برسم الحوار الوطني (1 - 2)

تم نشره السبت 05 آذار / مارس 2011 01:02 صباحاً
عن «قانون الانتخاب» ... برسم الحوار الوطني (1 - 2)
عريب الرنتاوي

 

 

ظاهرياً ، تبدو عملية "بناء توافق وطني حول قانون جديد للانتخاب" ، عملية صعبة ومتعذرة ، إن لم نقل مستحيلة ، في ظل ما نقرأ ونسمع ونشاهد من انقسامات وتشظي ، استقطابات واحتقانات ، مخاوف وتحسبات متبادلة...مصالح فئوية وجهوية ومناطقية متعارضة ، إلى آخر ما يمكن إدراجه من أسباب ومسببات تجعل المهمة عسيرة.

لكن قليلا من المصارحة والمكاشفة ، الممزوجة ببعض الحرص على المصلحة العامة ، والمطعّمة ببعض النوايا الحسنة والإرادة الطيبة ، تجعل المُتعذر ممكناً...بل وتدفع على التفاؤل في إمكانية بناء مثل هذا التوافق خلال أيام أو أسابيع قليلة على أبعد تقدير.

يتجه إجماع الأردنيين إلى اعتماد صيغة "النظام الانتخابي المختلط" ، بديلا عن نظام الصوت الواحد للناخب الواحد ، والذي كانت له آثار وخيمة على وحدة البلاد والعباد بعد أن أضعف الحياة الحزبية والسياسية ، وأثمر برلمانات فردية ضعيفة ، وغذى الهويات الثانوية والفرعية ، إلى غير ما هنالك من نتائج وتداعيات لا مجال لحصرها في هذه العجالة....وفي هذا السياق ، فإننا ندعم بلا تحفظ ، الآراء الداعية لاعتماد نظام انتخابي مختلط ، يتم بموجبه اختيار نصف مقاعد المجلس المقبل عن طريق "القوائم النسبية" على مستوى الوطن وليس المحافظة ، فيما يتم اختيار نصفها الآخر عن طريق انتخاب ممثلي الدوائر الصغيرة (دائرة لكل مقعد) ، على أن يتم دمج الكوتات في القوائم النسبية ، ويصار إلى تحويل مناطق البادية إلى مناطق جغرافية مفتوحة ، بدل أن تكون دوائر مغلقة.

لكن إجماع الأردنيين الفضفاض حول النظام المختلط ، يخفي وراءه انقسامات عميقة وخلافات واسعة ، حول مضامين هذا النظام المختلط ، ونسبه المئوية...كيف نريد توزيع المقاعد على القوائم النسبية والدوائر؟...ما هي نسبة ونصيب كل هذه وتلك؟...هل ستخوض القوائم غمار المنافسة على مستوى الوطن أم المحافظة؟...هل نعتمد الدوائر الصغيرة أم الموسعة؟...هل نعتمد الدوائر المعرّفة جغرافياً أم نعود لاعتماد الدوائر الوهمية؟.

خلف هذه الخلافات والتباينات ، تكمن "حسابات" و"مخاوف" و"حساسيات" عميقة ، وأحسب أن أقصر الطرق لبناء التوافق الوطني المنشود ، هي المصارحة المنطلقة من الاعتراف بوجود "الحساسيات" و"المخاوف" المتبادلة ، والعمل بصورة جمعية على تبديدها وتبريدها...وسوف نتوقف في هذه المقالة ، أمام عدد من هذه المخاوف والحساسيات والتحسبات ، وبما يليق بمرحلة ما بعد ثورات تونس ومصر وليبيا ، من مصارحة ومكاشفة:

العقدة الأولى: وتتمثل في تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية في البرلمان السابع عشر ، وهنا يتعين تناول المسألة من زوايا عدة أهمها: (1) أن لا محاصصة ولا "كوتات" في التعامل مع هذه المسألة ، فنحن نتحدث عن مواطنة ومواطنين ، وعن إصلاح سياسي يعظّم الهوية الجمعية لأبناء الوطن الواحد...(2) إن استمرار الاختلال في التمثيل السياسي أو التهميش ، لن ينجم عنه سوى مزيد من الاحتقانات ، الأمر الذي نحن في غنى عنه...(3) إن أي قانون جديد للانتخاب يجب ألا يبعث برسائل خاطئة ، خصوصاً لأصحاب المشاريع السوداء التي تستهدف الأردن وفلسطين على حد سواء ، وأخطرها مشاريع حل القضية الفلسطينية في الأردن وعلى حسابه وحساب شعب فلسطين على حد سواء...(4) وإن أي تعديل للفجوات والاختلالات في التمثيل ، يجب أن لا تمس بما يمكن اعتباره "حقوقاً مكتسبة" للفئات والمناطق والشرائح السكانية المختلفة...(5) وإن حل أي مشاكل على هذا الصعيد ، لا يجب أن يفضي إلى خلق مشاكل من نوع آخر ، لشرائح أخرى من المواطنين.

بين خشية الأردنيين من أصول أردنية على "الهوية الوطنية" لمؤسسات الدولة السيادية ، وشكوى الأردنيين من أصول فلسطينية من "ضعف التمثيل والتهميش" ، لا تبدو لغة الحقوقيين وحدها قادرة على توفير إجابات مقنعة تماماً لطرفي المعادلة...تبدو لغة الأرقام أكثر ملاءمة...والأرقام هنا تقول - على ذمة رئيس الوزراء الأسبق المهندس علي أبو الراغب - بأن الناخبين الأردنيين من أصول فلسطينية لا يزيدون عن 43 بالمائة من إجمالي الناخبين (هناك عشرين بالمائة ، أي ما يعادل 1,2 مليون لا يحملون الجنسية والرقم الوطني)...هؤلاء ، الأردنيون من أصول فلسطينية أصحاب الحق في الانتخاب ، وبفرض إقبالهم على الاقتراع بنسبة 100 بالمائة ، لن يحصلوا على أكثر من هذه النسبة من المقاعد ، وإن نحن اعتمدنا نسبة تصويتهم في آخر ثلاثة أو أربعة انتخابات والتي تراوح عادة ما بين 25 - 35 بالمائة ، فإن المرء بمقدوره أن يجزم بأن نسبة الأردنيين من أصول فلسطينية في أي برلمان ناجم عن انتخابات حرة ونزيهة وعادلة ، لن تتخطى ربع إلى ثلث مقاعد البرلمان ، وهذه نسبة واقعية ، تلحظ التمثيل وتأخذ بنظر الاعتبار أسئلة الهوية والجغرافيا ، فلماذا الهلع والجزع عند بعض الأطراف المحلية التي لا تكف عن إثارة الفزّاعات في هذا المجال.

سندع جانباً الجدل القانوني والحقوقي الرافض لهذه المقاربة جملة وتفصيلاً ، وليعذرنا نشطاء حقوق الإنسان الذين يتحدثون عن "المواطنة المتساوية" ، فنحن برغم اتفاقنا التام معهم من حيث المبدأ ، نفضل في هذه الأيام ، الحديث بلغة السياسة والبراغماتية ، طالما أن بناء التوافق وتغليب المصالح العليا المشتركة ، مقدمة على أي شيء وفوق كل اعتبار.

دعونا نذهب إلى قانون جديد للانتخاب...بلا مخاوف أو هواجس...بلا محاصصة أو كوتات...دعونا نذهب لبرلمان جديد وحكومات أغلبية برلمانية منتخبة...ولتتوحد صفوفنا جميعا في الميدان ، على طريق الاصلاح السياسي الشامل والتحول الديمقراطي العميق ، ومعاً وسوياً في مواجهة رياح التآمر على الأردن وفلسطين على حد سواء...وإلى الغد.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات