لماذا هبط التصنيف الاقتصادي؟

عندما قررت وكالة التصنيف الدولية (موديز) تخفيض مرتبة الاقتصاد الأردني ، وتبديل المنظور المستقر إلى سالب ، لم تفعل ذلك اعتباطاً ، بل حددت نقاط الضعف التي دعتها لهذا القرار ، وهي نقاط ، بعضها قدري لا تملك الحكومة إزاءه شيئاً ، وبعضها الآخر يتوقف على سلوك الحكومة وسياساتها في المرحلة الراهنة وبالتالي تخضع للسيطرة وتقبل العلاج إذا توفرت الإرادة.
من الأسباب غير الخاضعة للسيطرة: الاضطرابات السياسية والاجتماعية في المنطقة ، وخاصة في تونس ومصر واليمن والجزائر ، وانعكاسات هـذه الاضطرابات على المنطقة بأسرها ، وهناك أيضاً الحساسية الشـديدة لتقلبات أسعار البترول العالمية وتأثيرها القوي على الميزان التجاري والحساب الجاري لميزان المدفوعات وارتفاع معدلات التضخم وتكاليف المعيشة.
لكن معظم الأسباب التي أخذت بها الوكالة لتخفيض مرتبة الاقتصاد الأردني تعود لأسـباب محلية وسياسـات الحكومة قصيرة الأجل التي يمكـن أن تتخذ لمجرد شـراء الوقت وترحيل المشكلة إلى المستقبل.
في مقدمـة نقاط الضعف ما تتوقعـه الوكالة من أن الحكومة سوف تتساهل في سياستها المالية اسـتجابة للضغوط الاجتماعية. وهنا تذكر الوكالة بشكل خاص الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة على دفعتين ورفعت بموجبها النفقـات الجارية بحوالي 440 مليون دينار ، وارتفاع مستوى المديونية إلى حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي مع أن مديونية الدول المماثلـة للأردن في تطورها الاقتصادي تتراوح حول 45% فقط.
وهناك ارتفاع مزمن في نسبة البطالة إلى حوالي 13% من القوى العاملة ، ووجـود عجز كبير في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، وارتفاع نسبة ملكية غير الأردنيين في سوق الأوراق المالية مما يزيد حالة الانكشاف للعوامل الخارجية.
نقاط الضعف هـذه كان يمكن أن تخفض تصنيف الاقتصاد الأردني إلى مرتبـة أدنى لولا أن هناك نقاط قـوة تذكر الوكالة منها: ارتفاع احتياطـي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، والتزام الدول المانحة بدعم الأردن مالياً وخاصة أميركا والسعودية ، وكون معظم مديونية الخزينة محلية بالدينار ، وقوة وتطور الجهاز المصرفي الأردني.
الحكومة الجديدة مطالبة بدراسـة هذه المطالعة الهامة لوكالة التصنيف الدولية ، والاسـتفادة منها في مواجهة نقاط الضعف والاستزادة من نقاط القـوة.
(الراي)