محاكمة جاك شيراك...هل سنشهد مثل ذلك في الاردن؟

الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي خدم فرنسا لاعوام طويلة سيمثل امام القضاء في محكمة باريس الجنائيه في قضية وظائف وهميه مفترضه تعود الى تسعينيات القرن الماضي عندما كان رئيسا لبلدية باريس بين عامي 1995-1977 حيث يشتبه بتورطه في السماح لاشخاص يعملون اساسا لحساب حزبه بتلقي رواتب من بلدية باريس. ورغم مرور هذه المدة الطويله الا ان العداله يجب ان تأخذ مجراها مهما طال الزمن والفاسد يجب ان يحاسب مهما كانت صفته الوظيفيه او منصبه الذي كان يشغله فالجميع سواسية امام القانون دون استثناء . نحن اذن امام حالة فريده في تطبيق القوانين ومكافحة الفساد على الجميع دون استثناء فلا احد كبير امام القانون والفاسد يجب ان يحاسب ولو بعد حين . لذا نقف اجلالا واحتراما لهذه الدوله وهذا القضاء الذي لم يستثن حتى رئيس الجمهورية من المحاسبه وهذه قمة العداله .
ان الثورة الفرنسيه والتي حدثت في عام 1789 م والتي تعتبر نقطة التحول الهامه في حياة الشعب الفرنسي وما جعلها جديرة بهذا الوصف هو ما حققته من تغيير حقيقي وعميق في المجتمع الفرنسي لا يقتصر على المكاسب السياسيه المباشره وانما يمتد الى القيم والمبادىء التي تسود المجتمع وعلاقات الناس فيه واحترامهم لحقوق بعضهم البعض والمساواة امام القانون. اقول هذا بالنظر الى ما يشغل بال المواطن العادي بشأن موضوع الفساد وكيفية التعامل معه ورغبة المجتمع بكل اطيافه في ملاحقة الفاسدين اينما كانوا ومهما كانت مسمياتهم ومناصبهم فلا خلاف ان قضية الفساد تحتل الاولويه الكبيره في اهتمامات الناس بل لعلها القضية الاهم لما لها من تاثير مباشر على الوضع الاقتصادي والمستوى المعيشي للناس حيث ان الامر يتعلق بلقمة العيش وهذا امر خطير لا يجوز الاقتراب منه .
بعد انطلاقة الثورات الشعبيه في تونس ومصر وتلك التي لا زالت مشتعله في ليبيا ضد الظلم والاستبداد والقهر والفساد الذي استشرى كالنار بالهشيم في تلك الدول، وفرار بعض رموز الفساد الذين جمعوا الملايين من اموال الشعب سرقة ونهبا وتقديم من لم يستطيع الهروب منهم الى العداله ليأخذوا جزائهم العادل اخذت بعض الدول العربيه الاخرى تعزف على نفس اللحن واخذت شعوبها تطالب الحكومات باجراءات فاعله وحازمه لمكافحة الفساد وان لا تبقى القرارات حبرا على ورق بل ان تطبق على ارض الواقع وان يتم محاسبة كل من يثبت تورطه في قضايا فساد دو تمييز ومهما كانت منزلة هذا الشخص ومركزه الوظيفي .
والاردن ليس بعيدا عن كل ذلك فنحن نعاني مثل غيرنا من الفساد وسرقة المال العام وبدأت خطوات مكافحة الفساد خجولة بعض الشيء، ورغم وجود هيئات ومؤسسات تعنى بمكافحة الفساد الا اننا لا زلنا على اول الطريق لم نشهد ولغاية الان اجراءات رادعة ضد الفاسدين وبشكل حازم وجاد فكانت اجراءات شكليه لا تسمن ولا تغني عن جوع مع اننا نتطلع بشوق الى تلك الايام التي سنشهد فيها تقديم اشخاص الى القضاء بتهمة الفساد مهما كانوا هؤلاء سواء رؤساء وزارات او وزراء ومسؤولين مدنيين ام عسكريين فلا احد فوق القانون باجراءات حقيقية وليست شكليه وان لا نكتفي بالمحاكمة ولكن الاهم ايضا اعادة المال الذي استولى عليه المسؤول بحكم وظيفته الى الخزينة العامة لاعادة ثقة المواطن العادي بالحكومات واجراءاتها ، وما الرساله التي وجهها جلالة الملك عند زيارته الى هيئة مكافحة الفساد بلغة لا تقبل التأويل والتفسير الى الجميع مواطنين ومسؤولين بأن لا احد فوق القانون مهما كان هذه الانسان حتى ان مؤسسة الديوان الملكي خاضعه لمساءلة الهيئه اذن نحن امام اراده سياسيه حازمه وواضحه في مكافحة الفساد وتجفيف منابعه لحماية المجتمع من هذه الافه الخطيره ولتكريس الشفافيه وسيادة القانون .