محمد الدرة ومحمد الأونروا!!

تم نشره الأحد 13 آذار / مارس 2011 01:54 صباحاً
محمد الدرة ومحمد الأونروا!!
خيري منصور

ذات حساب قومي سوف تعقد مقارنة تاريخية بين مصير المحمدين ، محمد الدرة الذي تحول جسده الصغير الى غربال تدفق من ثقوبه الدم برصاص الاحتلال الصهيوني ومحمد الأونروا الذي لفظ آخر أنفاسه على باب مستشفى في بيروت لأن الاونروا رفضت تغطية نفقات علاجه..

محمد الدرة ، استشهد بشكل ساطع الوضوح ، اما توأمه الذي تعسرت ولادته معه فانتظر عشرة أعوام فقد استشهد ايضا ، لكن ليس برصاص الاحتلال او أي رصاص آخر ، بل باللامبالاة التي تعاملت بها الاونروا والنكث بقسم أبوقراط ، لأن من يؤتى به الى أي مستشفى في العالم وهو في حالة احتضار يعالج أولا ، ثم يفتح ملف الحسابات سواء تعلق بالامم المتحدة أو الأمم التي بعثرتها قنبلة اشد فتكا من القنبلة النووية وهي قنبلة الصراعات الاثنية والفئوية وخصومات ذوي القربى.

يعيشون بجنسيات مختلفة ، وهويات مستعارة لكنهم يموتون ، بل يستشهدون فلسطين فقط لأن ما انتهى اليه المحمدان التوأمان من موت فاضح لعصر برمته هو عينة قد لا تكون نموذجية بقدر ما هي عشوائية للطفولة العربية المغدورة ، وبالتالي للمستقبل الجريح الذي لم يسلم هو الآخر من أنياب الاحتلال ببعديه السياسي والعسكري،

لقد استقالت الاونروا وربما تقاعدت لا نعرف عن دورها الذي وصف ذات يوم بأنه انساني واعتذاري واخلاقي ، وحدث هذا التقاعد قبل الوصول الى حد أدنى من الحل لقضية اللاجئين ، هذه القضية المحورية والعمود الفقري للقضية الفلسطينية التي تتعرض الآن للتهميش واحياناً للمساومة ، ولا ندري ما الذي سوف يقوله محمد الاونروا لمحمد الدرة عندما يلتقيان تحت جذور زيتونة أو صفصافة أو شجرة أرز ، هل يعاتب أحدهما الآخر؟ أم يتعانقان ثم يروي كل منهما حكايته مع رصاص الاحتلال أو برود الاونروا ولا مبالاتها،

قد يكون مثل هذا الخيال اقرب الى الميتافيزيقا وعالم الغيب. لكن العالم الواقعي الذي نموته أكثر مما نحياه يتيح للارامل والثكالى فقط ان يلتقوا ، ليحصي منهم خساراته في زمن الربح المحرم ودية الدم التي يسطو عليها سراً من أنابوا أنفسهم عن الشهداء والشهود،

واذا كان مصرع الطفل محمد الدرة الذي تحول الى أيقونة وحملت عدة شوارع في العالم اسمه فضيحة الاحتلال وما يحرسه من اوراق الفيتو ، فان مصرع محمد الآخر في منفاه هو فضيحة العصر كله.. بأطبائه الذين أقسموا لابوقراط بالوفاء لمهنتهم وبساسته الذين يتعاملون مع الدم بالحواسيب وبجنرالاته الذين ترصع صدورهم أوسمة هي في حقيقتها من عظام الاطفال وجماجم الشهداء والمغدورين،

لماذا قرر العالم ان يطفىء أضواء هذا المسرح المسمى الاونروا قبل انصراف المشاهدين وقبل الوصول الى الفصل الختامي من دراما القرن العشرين وما سوف يعقبه من قرون؟

هل فرغت الأمم المتحدة من مهمتها في اعادة الحقوق الى اللاجئين واعادتهم الى بلادهم بحيث تعطي للاونروا اجازة مفتوحة ، ومدفوعة الأجر؟

ما أكثر الاسئلة وما أقل الاجابات في عصر لا يكف أهله عن الثرثرة صباح مساء عن الديمقراطية وحقوق البشر ، لكنهم لا يكفون عن انتهاك كل ما يثرثرون حوله ويعظون الناس به..

لقد قالها شاعر هو جد المحمدين معا الدرة ، والاونروا..

عار عليك اذا فعلت عظيم...،،(الدستور)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات