دمج مؤسسات أم إلغاؤها؟

باكورة قرارات دمج المؤسسات المستقلة جاءت تدمج دائرتي المرئي والمسموع والمطبوعات في هيئة تنظيم قطاع الإعلام. هذا الاسم غير موفق ، لأنه يوحي بالسيطرة على المؤسسات الإعلامية كما تسيطر هيئة تنظيم قطاع الاتصالات على شركات الاتصالات أو هيئة تنظيم التأمين على شركات التأمين. مطلوب البحث عن اسم لا يحمل هذه الإيحاءات السلبية.
الإيجابي في هذا المجال أن تكون الحكومة قد أصبحت واعية تماماً لمشكلة تفريخ المؤسسات المستقلة لتتجاوز 62 مؤسسة تنافس الوزارات على اختصاصاتها السيادية.
ليس مفيداً أن يتم دمج المؤسسات على أساس الجمع بحيث لا يتغير سوى عدد المدراء العامين ، أما باقي عناصر التكاليف فتبقى على حالها ، أي التحول إلى نظام مركزي في الوقت الذي تتحدث فيه الدولة عن التوجه إلى اللامركزية.
ليس كافياً أن يتغير عدد اللافتات كما حصل عند دمج دائرتي ضريبة المبيعات وضريبة الدخل ، الذي تم على الورق فقط ، وبقيت كل هيئة تقوم بعملها المعتاد.
المطلوب دراسة جدوى وجود كل واحدة من هذه المؤسسات أو استمرارها. وحتى تلك التي تحقق فوائض مالية تحولها إلى الخزينة هي في الواقع مصدر للنفقات لأن إيراداتها من الرخص والرسوم تخص الحكومة على أي حال ، وكل ما هنالك نشوء نفقات إدارية إضافية على حساب الإيراد المضمون.
يبقى سؤال عن بوصلة الاتجاه العام ، فهل نحن في سبيل التحرك باتجاه المزيد من المركزية كما يدل دمج البلديات ودمج المؤسسات والهيئات ، أم إلى اللامركزية كما تدل الشعارات والتوجهات المعلنة.
الأردن بلد صغير يناسبه الحكم المركزي ، خاصة فيما يتعلق بالإدارة المالية وإدارة التنمية ، ولكنه ليس بحاجة لحكومة متضخمة عالية التكاليف ، بل حكومة رشيقة ذات كفاءة عالية.
يشعر الأردنيون بأنهم يدفعون أعلى الضرائب والرسوم ، ومع ذلك فإن مجمل الإيرادات المحلية بموجب موازنة هذه السنة لا يغطي سوى 89% من النفقـات المتكررة للحكومة ، ونستعين بالمنح الأجنبيـة والقروض المحلية والخارجية ، ليس من أجل التنمية ، بل لمجرد دفع النفقات المتكررة كالرواتب والأجور والفوائد والإيجارات ورواتب التقاعـد وفواتير الماء والكهرباء ، وهذا وضع شاذ يستوجب العلاج.(الراي)