التوريث الامريكي لسيف الاسلام

حيث فشل مبارك في توريث ابنه جمال وأطاح الشعب المصري بهما معا, وحيث تزداد ازمة التوريث في اليمن, تشهد ليبيا معركة مماثلة كشفت جانبا من الدور الامريكي وربما تل ابيب في هده المعركة.
ويستند هذا السيناريو الى الاملاءات الامريكية وتمريرها لجيل جديد من القادة في المنطقة يجمع بين الثقافة الامريكية وبين رجال البنك الدولي ومشروع تفكيك دولة الحرس القديم, واشاعة الخصخصة وفتح الاسواق والتخلي تماما عن الهوية القومية العربية .. وفتح قنوات سرية وعلنية مع تل ابيب ...
ومقابل مرشح البنك الدولي والشركات الامريكية في مصر, أحمد نظيف كرئيس للحكومة ومقابل شخصيات مماثلة في كل المنطقة من فياض في رام الله الى عوض الله وفؤاد السنيورة في لبنان والجلبي وعلاوي في العراق ... الخ ثمة شخص يلعب دورا مهما في إعادة تشكيل ليبيا كدولة سوق حرة معادية للخطاب القومي العربي, ومحسوب على الامريكان والبنك الدولي, هو شكري غانم الذي يحضر ليبيا ايضا لرئاسة سيف الاسلام القذافي صديق جمال مبارك والسنيورة ومحمد دحلان وفياض وبقية اعوان الامريكان وتل ابيب في المنطقة ...
في هذه الظروف اندلعت الثورة الشعبية في ليبيا ولم تقتصر في البداية على الاقل على جموع الشعب الليبي, بل كان ملاحظا تعاطف اوساط من »الحرس القديم« المتضرر من جماعة سيف الاسلام مثل وزير العدل ووزير الداخلية وغيرهما.
والمهم هنا ان الامريكان ومعهم اوساط صهيونية فوجئوا بالثورة التي باتت تهدد كل ترتيبات انتقال ليبيا نهائيا نحو واشنطن - تل ابيب عبر سيف الاسلام وفريقه .. وكان متوقعا ان يظهر الموقف الامريكي على حقيقته المذعورة من الثورة, لا سيما المخابرات الامريكية التي تشارك في عملية الانتقال المذكورة.
وليس بلا معنى اعتراف القذافي نفسه بان سقوط نظامه تهديد للأمن الامريكي و»الاسرائيلي« ناهيك عن المصالح النفطية والتعاون الاستخباراتي الامريكي - الليبي ضد المصالح الفرنسية في افريقيا وبغيرها من اشكال التعاون المشترك التي بدأت مع مراجعة طرابلس لسياساتها القديمة منذ سنوات تحضيرا لتوريث السلطة لسيف الاسلام, وتضمنت فواتير خطيرة جدا, منها ما يتعلق بملفات خاصة بقادة وحركات التحرر العربية والعالمية.
ولذلك وفي ضوء ما سبق فان الموقف الامريكي والصهيوني سيواصل المماطلة وتفريغ أية ضغوطات دولية على القذافي من مضمونها.
وستعمل امريكا وتل ابيب على إطالة أمد حكم الطاغية اطول فترة ممكنة.(العرب اليوم)