العدوان على ليبيا استهداف القذافي أم خلط أوراق

تم نشره الإثنين 21st آذار / مارس 2011 10:55 صباحاً
العدوان على ليبيا استهداف القذافي أم خلط أوراق
صلاح الدين عيسى

أدخلت العمليات العسكرية الغربية ضد ليبيا المنطقة باسرها في آتون مرحلة جديدة، قد تكون مرحلة غامضة نظراً للعواقب الوخيمة التي ستترتب على القصف الجوي والصاروخي الذي استهدف ليبيا، وذلك خارج اطار قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي اتخذ بحق ليبيا ودون اجماع، عندما تحفظت عليه عدد من الدول وفي مقدمتها الصين وروسيا العضوين الدائمين في مجلس الأمن، اضافة للهند، والبرازيل وألمانيا، بأكثرية عشرة أعضاء من أصل خمسة عشر عضواً.
فالقرار الدولي الرقم 1973، والمتخذ صباح الجمعة الموافق 18 آذار/ مارس 2011 تحدث عن الحظر الجوي على ليبيا ولم يتحدث عن القيام بأعمال عسكرية كالتي تحدث الآن، والتي استنفرت اليها مجموعة من الدول التي باتت تحمل اسم (قوات التحالف الدولي) تماماً كما حدث في العراق ابان غزوه عام 2003 الذي تم خارج اطار قرار مجلس الأمن الدولي.
وبالطبع، فان الحديث عن مخاطر العمليات العسكرية الجارية ضد ليبيا، لاتنطلق من موقع الدفاع عن نظام معمر القذافي، ولا من موقع السكوت او الصمت على مايجري على أرض ليبيا من أعمال قتل وحشية تستهدف المدنيين، ومن مظاهر احتراب أهلي داخل بلد عربي شقيق، حيث لاحت الآن بوادر الانقسام والتقسيم ماثلة امام أعيننا.
أن رفض وادانة التدخل العسكري الغربي، وبهذا الصورة الفجة ضد ليبيا، ينطلق من عدة مسائل اساسية :
اولها أن هذا التدخل جاء ليخلط الأوراق وبهدف الاساءة للحراكات والانتفاضات والهبات والثورات التي اندلعت في عدد من البلدان العربية، وهي ترفع شعاراتها العادلة والمحقة ضد انظمة فاسدة، وضد انظمة اضاعت وضلت الطريق طوال عقود من امساكها بزمام القرار في معظم بلادنا العربية.
وثانيها أن العمليات العسكرية ضد ليبيا تسىء وتخدش الانتصار المدوي الذي حققه الشعبين الشقيقين المصري والتونسي، في انتفاضتين نظيفتين، وراقيتين، أذهلتا العالم باسره، وأعادتا تقديم العنصر العربي باعتباره عنصراً حضارياً وتواقاً للديمقراطية والحرية والمساواة، وساعياً وراء الكرامة والوطنية في آن واحد.
وثالثها، أن العمليات الحربية اياها، تعيد مرة جديدة فضح هذا العهر والموقف اللا أخلالقية للدول الغربية والولايات المتحدة تجاه قضايا الناس والشعوب في العالم، فقد تحركت القاذفات الاستراتيجية الفرنسية والبريطانية، وتحركت معها اساطيل الولايات المتحدة لتطلق صواريخ (التوماهوك) المتطورة على ليبيا، بينما صمتت صمت القبور، بل وداورت وناورت في التغطية على العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، عندما قصفته طائرات العدو الصهيوني في الضربة الجوية الأولى وفي الدقائق الأولى منها ابان عدوان نهاية العام 2008 القطاع وسكانه المدنيين بأكثر من ثمانين قنبلة زنتها الواحدة منها واحد طن (نعم واحد طن) وخلال ثلاث دقائق فقط، وهو ما أدى الى ارتجاج كامل للأرض وما عليها في قطاع غزة، في منطقة هي الأكثر كثافة سكانية في العالم. فقد هوت تلك القنابل خلال ثلاثة دقائق فقط على منطقة مكتظة بالبشر تبلغ مساحتها بحدود (360) كيلومتر مربع وعليها أكثر من مليون ونصف مليون نسمة. وفي حينها لم يتحرك ضمير نيقولاي ساركوزي الذي قبض الرشاوي بملايين الدولارات من نظام القذافي، ولم تحرك لا بريطاني العظمى ولا الادارة الأمريكية ساكنها، انها بالفعل سياسة العهر وانعدام الأخلاق التي تلخص الموقف الأوربي وازدواجيته الفاقعة الآن.
ورابعها، أن استهداف ليبيا يأتي تماماً وبصورة ما على طريقة استهداف العراق، فليبيا دولة (توب نفطية) ومركزية في ساحة البحر المتوسط حيث تمتد شواطئها على طول (2800) كيلومتر، وهو مايجعل منها الدولة الأطول تشاطئاً على قلب حفرة البحر الأبيض المتوسط، الذي يعج بأساطيل الدول الكبرى وهي تسبح على مقربة من عموم بلادنا وأوطاننا العربية.
وخامسها، ان الحرب الحالية على ليبيا لاتستهدف في نتائجها القذافي واولاده، بل ستنتهي فصولها بضياع ليبيا كما ضاع العراق، وتحويلها الى ساحة حرب وفوضى والى عراق آخر، ان لم نقل نحو (الصوملة) واقتتال الأخوة، فالغرب الأوربي والولايات المتحدة (طامع وطامح) ويقتل، ولم تفتر همته بعد، ولم تشبع شهوته في التآمر والقتل من أجل الثروات وبلاد النفط.
وسادسها، أن تلك الضربات تهدف الى تطوير الصراع الداخلي في ليبيا بخبث الأشرار المحترفين الذين يغذونه، وصولاً للتدخل العسكري المباشر في ليبيا لتحقيق أهداف ومصالح، عدا عن فتح الأسواق السوداء أمام تجارة الدم والسلاح وصناعة الموت، وأمام تجارة الأغذية والأدوية والمواد الاستهلاكية والبترول وسواها على مصراعيها، في أوقات الحصار والحروب، حيث يقدر الغربيون بأنهم سيقبضون الغربيون الثمن غالياً جداً من العرب عموماً ومن الليبيين خصوصاً.. سيقبضونه أموالاً وثروات ونفوذاً وهيمنة .. إلخ، فضلاً عن تغريمهم بتحمل تكاليف تنفيذ قرار الحظر الجوي علي ليبيا، وسوف تستنفد الأموال الليبية، كما استنفدت في الماضي في رفع الحصار وفي هذا الاتجاه أو ذاك، وكذلك في موضوع رفع الحظر الجوي مستقبلاً، أياً كان النظام الذي سيحكم ليبيا في نهاية المطاف.

 


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات