العرب بين مشهدين

لم يعش العرب مثل هذه اللحظة الفارقة الفاصلة بين المشهد الشعبي والرسمي كما هي اليوم. شجاعة غير مسبوقة بصدور مفتوحة في مسيرات سلمية مقابل وقاحة إجرامية غير مسبوقة من رؤساء لم يتورعوا عن القتل الجماعي بدم بارد, رؤساء بلغ العمر بهم والفساد عتيا وشبان في مقتبل العمر يتساقطون برصاص هؤلاء المجرمين.
في المشهد الشعبي ثمة مربع واحد مشترك في كل ارجاء هذا الوطن العربي المغتصب, هو مربع الشباب - الميادين - الشعارات والشرارات:-
1- الشباب, وهم قوام المسيرات المختلفة سواء كانوا من الديمقراطيين او المستقلين او من الاسلاميين او من اليساريين والقوميين. وكلهم يوظفون الفيس بوك والمواقع الالكترونية لتحشيد واسع مفتوح على مدار الساعة. ولا يتحركون على ارضية حزبية او قضايا محددة, بل بصورة عفوية تارة ومبرمجة تارة اخرى, وتعود حركتهم الى اسباب متعددة على رأسها الاحساس بالكرامة والحرية والمبادرة والمشاركة في التغيير.
2- الميادين, وقد صارت عناوين وعلامات على النهوض الكبير من ميادين تونس الى ميدان التحرير في القاهرة الى ميدان التغيير في صنعاء وميدان اللؤلؤة (الشهداء) في البحرين والجامع الحسيني.. الخ.
3- الشرارات, محمد البوعزيزي في تونس وخالد سعيد في الاسكندرية وفتحي الرميل في بنغازي, وهكذا..
4- الشعارات, كما دشنها شباب تونس (الشعب يريد), فمن الشعب يريد اسقاط النظام (تونس, مصر, اليمن) الى الشعب يريد تطوير الدستور (الاردن, البحرين) الى الشعب يريد انشاء نظام (ليبيا) حيث الغى القذافي الدولة والمجتمع واستبدلها بمزرعة عائلية لصوصية اجرامية.. كما راح بعض القوميين يطرحون شعارا جديدا هو (الشعب يريد اسقاط الحدود).
هذا عن المشهد الشعبي, اما مشهد الرؤساء المجرمين السراق الفاسدين فيمكن تلخيصه بشعارات مقلوبة تماما (النظام يريد اسقاط الشعب او ابادته كما حدث في ليبيا وصنعاء)..
ومن علامات هذا المشهد الكريه:
1- اننا لسنا امام رؤساء سياسيين لانظمة أيا كانت خياراتها وطبيعتها الاجتماعية, بل امام زعماء عصابات يربطون لصوصيتهم وفسادهم وفساد عائلاتهم بالاستمرار في (الحكم) والبطش والقتل الجماعي وسفك دماء الاهالي وترويع المدنيين..
وحسب مصادر امريكية (جون كيري) فان ما يمتلكه زعيمان عربيان فقط هما حسني مبارك والقذافي يتجاوز المئة مليار دولار في امريكا وحدها..
2- الاستفادة من التجربة الامريكية بالهروب والتنصل من الجرائم السياسية المختلفة باحالتها الى عصابات البلاك ووتر والسجون السرية خارج امريكا حيث اخترع الرؤساء العرب ادوات مضللة للاعتداء على المتظاهرين مثل البلطجية والزعران.(العرب اليوم)