آفاق برتفالية أم تركية

أيا كانت النوايا التي وقفت وراء تلوين الثورة العربية في تونس ثم مصر »الياسمين ثم اللوتس« وربما في ربط ثورة اليمن بالقات وثورة البحرين باللؤلؤ وثورة ليبيا بالنخيل مثلا, فثمة من رأى في هذه الثورات شكلا من الثورات الملونة على طريقة الثورة البرتقالية في اوكرانيا واوروبا الشرقية, وذلك انطلاقا من بعض الملامح المشتركة عند الانظمة السابقة وعند الثوار وعند اهتمامات دولية.
فمن الطابع الشمولي الفاسد - البوليسي للحكام الى القوة الجديدة غير المسبوقة في الشارع الى الاهتمام الامريكي والاوروبي بهذه الثورات ..
وقد غاب عن اصحاب هذه النظرة ان الرموز الحاكمة التي اسقطها الثوار العرب هي صناعة امريكية من الدرجة الاولى, وان الشارع الذي اسقطها ليس مجاميع من المرتزقة بل من الملايين الهادرة التي خرجت على إيقاع تراث وطني تشكل في مواجهة الاستعمار الرأسمالي اصلا, اما المشكلة هنا التي تحتاج لإجابات وتجربة الثوار الشباب العرب انفسهم, هي ان لا يؤدي غياب التجربة الحزبية والتنظيمية الى سرقة الثورة حتى من ليبراليين لم يتورطوا في الفساد والاستبداد.
نعم هناك العديد من هؤلاء الليبراليين الشرفاء مثل د. عصام شرف في مصر والسبسي في تونس لكنهم في نهاية الامر ليسوا اكثر من قاسم مشترك انتقالي بين الشارع وبين الثقافة الليبرالية في مصادرها المختلفة, الامريكية او الفرنسية.
مقابل ذلك ثمة تساؤلات اخرى حول آفاق تركية »اسلام ليبرالي بضمانة او بوليصة تأمين امريكية عنوانها الجيش« وهي آفاق تستدعي المزيد من التمعن في ضوء الطابع الخاص للحركة الاسلامية العربية التي لم تبلور خطابا مدنيا على الطريقة التركية حتى الآن »الغنوشي وحركة النهضة في تونس وبدرجة اقل حركة العدالة والتنمية في المغرب وبدرجة اقل مصر, وهكذا ..«.
وفي ضوء الخيارين السابقين: محاولات امريكية لسرقة الثورة, واحتمالات تركية, ينهض خيار ثالث عند المعارضة الراديكالية الاخرى وهو خيار الكتلة التاريخية الشعبية كما أسسه غرامشي واشتغل عليه المفكر العربي المصري سمير أمين.(العرب اليوم)