فن التّلقين والفكر الدّائري...

تم نشره السبت 02nd نيسان / أبريل 2011 12:41 مساءً
فن التّلقين والفكر الدّائري...
د. صالح سالم الخوالدة

في قريتي الغالية العزيزة (حيّان الخوالده) وبالتحديد في عام 1984 إحتفلنا كشباب بشرف وافتخار باجتياز ووداع الثّانويّة العامة بتقديرات مشرّفه من خلال (بيت شعر، فانوس أبو فتيله، ولكس أبو شنبر...) واستقبال الكهرباء الصّناعيّه المتطوّره (نيون، ولمبه...).
وكردّة فعل طبيعيّة لهذا التّطور الهائل؛ تم الاستغناء نهائيّاً عن طريقة رفع الآذان بالطّريقة التقليديّة (سلم، مؤذن، وسطح) بمكبرات الصّوت الحديثه (السّمّاعات) ومنذ أوّل رفع آذان بها؛ حفظنا ما كنّا نسمعه من ذلك المؤدّي عَقب كل نداء للصلّاة، وعلى غرار خلافٍ بسيط لا يُذكر بين العائلات على منصب رئاسة المجلس القروي حسب مُسمّاه آنذاك: (الفتنة نائمه ولعنة الله على موقظها).

وعند مشاهدتنا للتلفاز الحديث الملوّن لأول مرّة والتي صادفت في شهر رمضان المبارك آنذاك؛ إكتشفنا وحفظنا السّؤال الذي كان يوجّه من قبل الصّائمين وغير الصّائمين لذلك الشّيخ القابع خلف الشّاشة ويعلّمنا أُمور ديننا وصيامنا: (ياشيخ؛ قطرة الاذن في يوم رمضان؛ تفطّر ولّا ما تفطّر).

ذهبنا للجامعات لنتنوّر بالعلم و الفكر و الشّخصيّة؛ فاستقبلنا أغلب أساتذتنا (الدكاتره) العلماء و المفكرون وصانعو الاجيال بسؤال وبدون مقدّمات عندما تدخل إلى مكتبه، (أو يتم بينك وبينه خلوه غير شرعيّة)، وهو: (من وين انته) وهنا...؛ إن وافقه الجواب إئتلف، وإن خالفه إختلف... .

بعد مرور ما يقارب الثلاثين عاماً على تلك الأفكار والموروثات؛ إلّا انّ مسجدنا و مؤذننا، وشيخنا ومفتينا وسائلنا ومسئولنا وجامعتنا ومدرّسنا لا زالوا جميعاً سمة قرننا العشرين بما يضم من إنفجار معرفي و تكنولوجي، فالتّغيير حصل نعم...،ولكن في الوجوه والآلات والمواد، ولا أُنكر كذلك أنّ التّقدّم كذلك قد حصل فعلاً ولكن للأسف بالعمر أو الموت فقط...؛ وإلّا لما زلنا للبارحة:

نردد وننادي ونصرخ مع ذلك المؤذّن أو وريثه الدّيني: الفتنة نائمة ولعنة الله على موقظها، بدلاً من أن نصرخ جميعاً: نحن نائمون ولعنة الله على من يوقظنا للفتنة وعلى الفتنه...! وعلينا أن نفهم: هل فعلاً هُناك فتنة أم هناك سلاح ذخيرته الفتنة، ونصوّبها بالباطل كتهمة لكل صاحب حقٍّ ويستند في مطالبه على الحجّة والبرهان؟

وللبارحه ونحن أنفسنا نسأل نفس الشّيخ او وريثه الاعلامي و الثّقافي (أُتوماتيكيّاً) ولغاية رمضان القادم (عَ الحي و العايش): (يا شيخ قطرة الأذن في رمضان تفطّر ولا ما تفطّر)...، من رأيي؛ إحالة هذا السّؤال على لجنة الحوار الوطني للخروج بإجابة واضحه صريحه ترضي جميع الأطياف و الشّرائح من شتّى الأصول والمنابر و المنابت، ويتم إرفاق هذه الإجابة مع فاتورة الكهرباء و الماء العائدتين لكل مواطن في أوّل يوم من كل شهر رمضاني ضمن خطّة بعيدة المدى على أن يقوم (الجابي) بشرحها وتوضيحها لكل بيت، وعلى أن لا تتجاوز خمسة أعوام لكي يتسنّى لنا الانتقال إلى إجابة في خطّة أطول لسؤال (المضمضه) وخطورة المبالغة فيها أثناء الوضوء في يوم صوم من نفس الشّهر...!!!
ورغم ما وصلنا إليه من حداثة وتنوّر وفكر؛ إلّا أننا لا زلنا للبارحة نلعج بذاك السّؤال المريض في العمل والمدارس و الجامعات والمؤسسات الحكوميّة الخدميّة والرّسميّة والزيارات و السّهرات: (من وين إنته) وأكرر : إن وافقه الجواب إئتلف، وإن خالفه إختلف...، وهنا أقترح ان يحصل كل مواطن على بطاقة تحليل شخصيّه وسيره ذاتيّه إجتماعيّه، ومصدّقه من وزارة الدّاخليّة، ويُلزَم بتعليقها في مكان بارز من جسمه اثناء التّنقل، ويتم مخالفة كل من لا يلتزم أو يستهين بحملها...، أو أن يوجّه له تهمة المناهضة للفتنه والعمل على تنويمها، أو غير عابث في اللحمه الوطنيّه ولا يتبع لأي أيدي خفيّه... ؟؟؟!!!

هل تعلم إنّ التخلّف والتّقدم لدى الأمم والشّعوب في الفكر و الحضاره؛ بينهما فرق شاسع واضح لمن أراد...

فالأول يسألك من أين أنت، والثاني يسألك من أنت؟

الأوّل يضحك على نفسه، والثّاني يضحك مع نفسه.

الأول يكذب الكذبة ويصدّقها، والثاني يشكّ بالصّدق ليصل إلى الأصدق.

الأوّل ماضيه وحاضره يتزاحمان عُرفيّاً فيخرج مستقبله مشاركاً خائفاً مرعوباً، والثّاني ماضيه وحاضره يتنافسان شرعيّاً فيخرج مستقبله منافساً آمناً مطمئنّاً.

الأول تجبره قوانينه على احترامها فيكرهها، والثّاني يُجبر قوانينه على إحترامه فيُحبّها.

وآسفٌ أشدّ الأسف لأنْ أتوقع وأقول: في حال بقينا على مانحن عليه من تلقين في خُبث (أقول خُبث) التفكير الدّائري (باتجاه عقارب السّاعه) وليس أفقي أو عمودي؛ فسنغنّي جميعاً وقريباً على مسارح ملاحم ياجوز أو ملاحم جمرك عمان البلديّتين، وبإشراف أسوأ وأقسى اللحّامين؛ أغنية ميحد حمد المشهوره: خمس الحواس سائلني: هالحين وين إنته وأنا وين؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات