الحراك الجنوبي

لا اقصد ما يحدث في جنوب اليمن تحت هذا العنوان بل ما يحدث في كل جنوب ومنه الاردن وليس مصادفة ان الحراك السياسي - الاجتماعي الحالي حراك جنوبي ايضا من المعلمين (مصطفى الرواشدة) الى العمال (محمد السنيد) الى المتقاعدين العسكريين (الحباشنة والمعايطة) الى مشاركة عضو مجلس النقباء الوحيد (سعود قبيلات) رئيس رابطة الكتاب الى رئيس منتدى الفكر الاشتراكي (موفق محادين) ناهيك عن ان الاحتجاجات الشعبية المتوالية منذ نيسان 1989 مسجله باسم معان والكرك والطفيلة ومادبا..
ومن قبل وعلى مدار عقود طويلة فقد تقاسم اهل الجنوب مفاتيح الحكم والمعارضة معا عندما كان الحكم حكما والمعارضة معارضة من الضابط والمسؤولين الكبار الى قادة الاحزاب (يعقوب زيادين) في الحزب الشيوعي وعبدالمجيد ذنيبات وسالم الفلاحات في جماعة الاخوان المسلمين وسالم النحاس في حزب حشد, وتيسير الحمصي في حزب البعث (العراقي) ومحمود المعايطة في حزب البعث (السوري) وضافي الجمعاني وحاكم الفايز ومجلي نصراوين في حزب البعث (اليساري).
ولنا ان نتذكر ان اثنين من ثلاثة ادباء ومبدعين كبار في الاردن وهما غالب هلسا وتيسير السبول من الجنوب.
ومن المفهوم انني لا اتحدث من موقع جنوبي اردني بل من موقع فكري ينتسب الى مقولة عالمية, كما ان هذا التمعن في هذه المصادفات التي تشغل بال ادباء مفكرين عرب وعالميين لا تلغي ما سبق واكدت عليه في كتابي القديم (تطور علاقات الانتاج في الريف الاردني) الصادر عام 1981 وعزوت فيه ما يحدث في الجنوب الى ظاهرة عالمية وهو الحراك في الحلقة الضعيفة مقابل شمال متقدم دائما من زاوية التطور الاقتصادي - الاجتماعي..
وبالعودة الى موضوع الجنوب, عموما لكم ان تلاحظوا ان الحراك الجنوبي يأخذ طابعا عالميا الى حد كبير: امريكا الجنوبية مقابل امريكا الشمالية, آسيا مقابل اوروبا وامريكا, جنوب آسيا نفسها مقابل شمالها, الجنوبات العربية من اليمن الى السودان الى لبنان الى فلسطين (غزة) الى جنوب غزة نفسها, الى جنوب تونس (معقل الثورة) الى الاردن والعراق الى الصحراء الكبرى والحزام الجنوبي لشمال افريقيا, الى جنوب افريقيا في هذه القارة ومثل ذلك جنوب اوروبا وجنوب الجنوب فيها.. وهكذا.
وفي كل ذلك ثمة اجتهادات وقراءات لمفكرين وادباء عرب وعالميين معروفين ومنهم:
1- ماوتسي تونغ قائد الثورة الشيوعية في الصين (الجنوب العالمي مقابل الشمال العالمي).
2- سمير امين وهو مفكر شيوعي مصري اشتق من نظريته (المركز الرأسمالي الشمالي مقابل المحيط الجنوبي العالمي).
ولنا ان نعيد ماو وامين الى نظرية قائد ثورة اكتوبر الروسية حول الحلقة الضعيفة في السلسلة العالمية..
3- اما في الادب فالابرز هنا هو الروائي الامريكي, فوكنر الذي كرس رواياته حول الجنوب الامريكي ثم ادب امريكا اللاتينية والادب الافريقي المضاد للثقافة الامبريالية ومن العرب الاردني غالب هلسا والسوداني الطيب صالح والليبي ابراهيم الكوني.(العرب اليوم)