بين سندان العقيد ومطرقة الناتو!!

تكرر ارتطام مطرقة الناتو عدة مرات برؤوس الليبيين، خصوصا من جاء كما يقول جنرالاته لنجدتهم ولو أحصيت الاخطاء بل الخطايا التي اقترفها الاحتلال الامريكي وتوابعه في العراق وافغانستان لكان عددها في نهاية المطاف يكفي لأن يكون حرباً ضد المدنيين!
وقد تكون هذه مناسبة اخرى للتذكير بالمقولة الشهيرة عن الجرائم التي ارتكبت باسم الحرية وتلك التي ارتكبت ايضا باسم الديمقراطية.. فالليبيون ليس عددهم مليار نسمة كي يموتوا بالجملة بين سندان العقيد ومطرقة الناتو.
ومن كان تدخلهم أساسا للحظر الجوي فقط كما قال امين عام الجامعة العربية لم يتوقفوا عند هذا الحد، وقد لا يتوقفون ايضا عند أي حد، فمثل هذه الامور لا بالأرباع والاخماس والاعشار خصوصاً اذا كان ما يجري بعيدا ووراء الكواليس خارج مدار تغطية الفضائيات ووكالات الانباء..
لقد خسرت ليبيا بالتحديد قبل قرن كامل وفي عام 1911 نصف عدد سكانها من اجل الاستقلال، وان كان اسم شيخ الشهداء عمر المختار هو الذي يتكرر دائماً فذلك لأنه يرمز الى هؤلاء الذين دفعوا ثمن استقلال بلادهم بالدم الصعب وليس بالعملة الصعبة!
فهل ستفقد ليبيا كل أهلها يبن سندان عقيدها ومطرقة المعتصم الانجلوساكسوني الذي لبى استغاثة بنغازي؟ وكيف اصبح المشهد على هذا النحو كما لو انه كوميديا عربية حمراء؟
وقبل ان يصبح عدد شعب عربي يعيش على مساحة شاسعة أقل من عدد قرية بفضل هذا القصف المزدوج يجب على العالم ومنه بل في مقدمته نحن العرب ان كنا قد بقينا عرباً بعد عولمة الدماغ والقلب واللسان ان يبحث عن حل سريع!
ما قاله عبدالفتاح يونس الرفيق اللدود للعقيد منذ ثورة ليبيا عام 1969 هو ادانة صريحة للناتو، ويوشك في لهجته ونبرة عبارته ان يتهم الحلف بالتواطؤ، ليس من اجل العقيد ومن تبقى معه، بل من اجل تحويل ليبيا بكل ما يزخر به باطن صحرائها الى غنائم!
ان من يتساقطون في ليبيا ليسوا ممثيلن في مسلسل درامي، سرعان ما ينهضون بعد اتمام التصوير لغسل وجوههم من المساحيق ثم يبدأون بعد الاجور العالية..
هؤلاء عرب وبشر مثلنا ومنهم اطفال وعجائز اضافة الى مواطنين كانوا يعيشون كسائر عباد الله ثم وجدوا أنفسهم وقوداً لحرب مفاجئة.
بعد قليل، سوف يختلط على اذكى الحواسيب عد الضحايا، بحيث يصبح من الصعب فرز من هم مع العقيد ومن هم ضده، فالقاسم المشترك بين الطرفين هو الدم الليبي ذاته، والذي لم يعد بعد اندلاع الحرب من فصيلتين مختلفتين!
انهم يضعوننا دائماً في المأزق ذاته، وكأن علينا ان نختار بين صاروخين أو رصاصتين، وبالتالي بين قبرين، هذا ما حدث في العراق يوم خشينا من تعميم النموذج وتعريبه!
ان الاسلحة التي بيعت للعراق وليبيا واليمن وسائر السلالة بالمليارات وأحياناً على حساب الصحة والتعليم، يعود من باعوها ليدمروها، وعلينا ان نقدم لهم العرفان على ذلك، لأنهم كما يقولون لنا يفعلون ذلك لانقاذنا!
وعلى من يرث السلطة بعد رحيل هذا النظام أو ذاك ان يتقدم الى منافسة زبائن آخرين لشراء اسلحة بديلة، لكن المليارات قد تكون مجرد نقاط دم كالاصفار على يسار الرقم!!(الدستور)