موفق محادين

نعم الاصلاح لا يؤخذ بقرارات ادارية سريعة بل يحتاج الى ضغوط سلمية متواصلة بالنظر الى تشابك وتقاطع مصالح قوى عديدة, داخلية وخارجية, سياسية واقتصادية وثقافية وبنيوية تخاف الاصلاح وتعمل على اعاقته بل ومنعه وتقنيع ذلك بالازاحة نحو عدو خارجي في كل مرة وتجييش الموتورين والاقليميين ودمج الفقراء في خطاب المجاميع الفاسدة المذعورة من الاصلاح.
وتتراوح القوى المذعورة المذكورة بين القوى المحلية والخارجية التالية:-
1- خارجيا, ثمة قوتان اقليميتان تحاربان الاصلاح وتحاولان ترجمة ذلك بطرق وادوات مختلفة, فالعدو الصهيوني يخشى ان يؤدي الاصلاح اى انتخاب مجلس نيابي لا يؤيد معاهدة وادي عربة, وبعض القوى الاقليمية العربية النافذة التي تدير بلادها باساليب القرون الوسطى تخشى الاصلاح ومستعدة لدفع مبالغ طائلة لمنع ذلك ناهيك عن سيطرتها على فضائيات وصحف واسعة الانتشار عربيا..
ومن المعيقات الدولية للاصلاح التأويلات الامريكية له التي تريد (اصلاحا) يخدم تفكيك الدولة الاردنية ودمجها في المجال الحيوي (الاسرائيلي) لتمرير الترانسفير الناعم, والتصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
2- داخليا, بالاضافة لمراكز الفساد ومصادرة الحريات والتغول على الناس والسلطات الثلاث, فلا ما يعرف بالحرس القديم ولا ما يعرف بالحرس الجديد صاحب مصلحة بأي اصلاح, الاول للمغانم البيروقراطية والعمولات المختلفة والثاني لانه لا يعكس برجوازية مدنية ودورة رأسمال انتاجي بل مافيات وغسيل عملة وسمسرات من كل نوع.. وفيما يتذرع الاول بالخوف على الاردن من مخاطر التوطين يتذرع الثاني بالخوف على (استقرار السوق) وذلك علما بان الاول هو الذي مرر معاهدة وادي عربة التي تدعو الى التوطين (المادة 8) وكل قرارات تفكيك الدولة, فيما قام الحرس الجديد بتعميق التبعية واقتصاد السمسرة وتحطيم الطبقة الوسطى, وصمام امان الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
وبالمجمل فان البنية الوظيفية التابعة التي كرسها الحرسان, القديم والجديد هي اكبر معيق للاصلاح.. ولذلك فعلى المهتمين بالاصلاح سواء من القوى الشعبية المختلفة او من الواهمين بلجان الحوار وتدوير الزوايا تزجية الوقت ان لا يقاربوا الاصلاح بوصفه مجموعة من القوانين المجردة بل سياقات اجتماعية وسياسية واقتصادية شديدة التشابك مع المعطيات الاقليمية من حولنا, سواء العدو الصهيوني او قوى القرون الوسطى وقاروناتها المالية.(العرب اليوم)