حول قتل الإيطالي في غزة .. الإسلام بريء من الجريمة

تم نشره السبت 16 نيسان / أبريل 2011 01:05 صباحاً
حول قتل الإيطالي في غزة .. الإسلام بريء من الجريمة
ياسر الزعاترة

  
 

 

الذين امتدت أيديهم الآثمة إلى الناشط الإيطالي «فيكتور أريغوني» في قطاع غزة لا يمثلون دين الله الأروع، حتى لو اعتقدوا أنهم سادة «الفرقة الناجية». وهم مجرمون وقتلة لا يعرفون شيئا عن سماحة هذا الدين العظيم وقيمه النبيلة، حتى لو زعموا أنهم رموز الجهاد وخيرة المجاهدين.

إنهم قوم لا عقل لهم ولا قلب، وبعضهم تمرّغ في ساحات الجريمة قبل أن يلبس مظاهر الإسلام بحسب اعتقاده ويشرع في منح الناس صكوك غفران، هذا كافر وذاك مسلم، وهذا مجاهد وذاك قاعد. وأحسب أن منظري السلفية الجهادية من أمثال «المقدسي»، فضلا عن قادة القاعدة وفي مقدمتهم أسامة بن لادن لا يمكن أن يقروا عملا بشعا من هذا النوع.

قتل الناشط الإيطالي في قطاع غزة وصمة عار في جبين الذين قتلوه، والشعب الفلسطيني الرائع بريء منهم، وكذلك حال المسلمين الذي يشعرون بالخزي من أمثال هؤلاء الذي يقتلون بدم بارد إنسانا مستأمنا، فضلا عن أن يكون مناصرا جاء يعلن تعاطفه ودعمه للشعب الفلسطيني المظلوم والمحاصر.

يا الله أية مرارة في الحلق نشعر بها بسبب ما فعل هؤلاء، لاسيما أنهم يزعمون الانتساب إلى الإسلام والمسلمين والجهاد والمجاهدين، ويشوّهون تبعا لذلك عظمة هذا الدين، فما الذي سيقوله الغربيون عن دين يجيز لأتباعه قتل من جاء ينتصر لعذاباتهم في مواجهة المحتلين المجرمين؟!

نمارس البوح من دون شك، فما جرى بشع بكل المقاييس، وتبريره أكثر بشاعة، فقد ذهب «المجاهدون» الذي اختطفوا الرجل إلى مطالبة «ما يسمى حكومة هنية المحاربة لشرع الله بالإفراج عن جميع معتقلي السلفية الجهادية وعلى رأسهم الشيخ هشام السعيدني».

وفي التسجيل الذي بثوه قال القتلة: «إن الله قد منّ علينا في سرية الصحابي الهمام محمد بن مسلمة باختطاف هذا الأسير الإيطالي الذي ما دخل ديارنا إلا لإفساد العباد والبلاد ومن ورائه دويلة الكفر ايطاليا، تلك الدولة المحاربة لله، والتي ما زالت جيوشها إلى الآن في بلاد المسلمين».

هل ثمة سخف وجهل أكثر من هذا؟ ما علاقة هذا الرجل الذي يقف ضد سياسات دولته، وينتصر للفلسطينيين من دون ثمن يتقاضاه؟! ما علاقته بحكومة هنية التي تحارب شرع الله برأيهم ؟! ولماذا لم يختطفوا واحدا من رموز تلك الحكومة كي يبادلوه بأسراهم لديها؟! (نقول أسرى لأنها حكومة كافرة والمعتقلون لديها أسرى بالضرورة!!).

من وجهة نظر كاتب هذه السطور، وحتى لا يتنطّع بعضهم بتغيير مسار الحديث، فقد كان تورط حماس في المشاركة في الانتخابات في ظل أوسلو اجتهادا خاطئا، وهو يعتقد باستحالة الجمع بين المقاومة والسلطة، بخاصة هذه السلطة التي صممت لخدمة الاحتلال، أعني سلطة أوسلو، أما القول بأن حكومة غزة لا تطبق شرع الله، فإنني أحمد الله أنها لا تفعل وفق ما فهم أولئك، لأن ما تقوم به في بعض الجوانب ينطوي على مبالغة من وجهة نظري ونظر كثيرين، لأن تطبيق «شرع الله» لا يعني التدخل في حياة الناس الشخصية، بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطريقة سمحة، فالناس لا يجرّون إلى الجنة بالسلاسل، بل بالكلمة والموعظة الحسنة والإقناع، وربنا يقول: «لا إكراه في الدين» و «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، و»لست عليهم بمسيطر». والأصل هو التدرج في جعل الإسلام مرجعية للدولة والمجتمع في سياق تطبيق يُجمع عليه الناس، وفي إطار فهم يناسب الزمان والمكان. ثم أية دولة تلك التي يقودها إسماعيل هنية وسيطبق فيها «شرع الله» هي المحاصرة والمستهدفة على كل صعيد؟!

أما الجهاد الذي يطلبه أولئك وتمنعه حكومة هنية، فقد رأينا تجلياته في الإمارة الإسلامية لعبد اللطيف موسى رحمه الله، مع رفضنا للطريقة التي تم من خلالها التعامل معه، ورأينا تجلياته أيضا في بعض أعمال العنف ضد محلات الفيديو والمدارس الأجنبية، كما رأينا تجلياته في صفقة صاغها قوم يساندون أولئك من الخارج عنوانها السماح بالعبث في قطاع غزة نكاية بحماس، مقابل عدم التدخل في الضفة الغربية التي تتوافر فيها فرص المقاومة أكثر بألف مرة من قطاع غزة المحاصر، بدليل أن جميع العمليات التي نفذها أولئك لم تقتل إسرائيليا واحدا. ولا تسأل بعد ذلك عن ارتباط بعضهم بمحمد دحلان الحريص كل الحرص على إعلاء راية الجهاد والمجاهدين!!

باسم الفلسطينيين جميعا، بل باسم جميع المسلمين نعتذر لأهل الضحية الإيطالي، ونتمنى ألا يُحمّل الإسلام العظيم وزر الجريمة، لأن مثل هذا الجنون يتوافر في سائر الديانات ولا مجال للتخلص منه بشكل نهائي.

يبقى القول إننا ننتظر أن يبادر العلماء الذين لهم كلمتهم عند أولئك، فضلا عن جميع العلماء والقوى الإسلامية، إلى إدانة هذا الفعل بشكل واضح ولا لبس فيه، ليس فقط لأن فيه إساءة لفكرة الجهاد، بل أيضا لما ينطوي عليه من إساءة بالغة للإسلام والمسلمين.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات