مكاسب "مليارية" بانتظار دول الخليج من زيادة صادراتها النفطية لليابان

المدينة نيوز- توقع بنك الكويت الوطني أن يرتفع الطلب في اليابان على النفط والغاز في دول الخليج بعد التسونامي الذي ضرب البلاد والحق أضراراً جسيمة ببعض محطات الطاقة النووية.
وقال "الوطني" في تقرير خاص عن "التأثير على ميزان التجارة بين دول الخليج واليابان" إن دول الخليج ستستفيد ليس فقط من الارتفاع (المحتمل) لأسعار النفط، بل أيضاً من الزيادة في الطلب الفعلي على هذه السلعة، أي لصالح صادراتها. وأشار التقرير إلى أن كل ارتفاع بنسبة 1% في الطلب الياباني على النفط تكسب الصادرات النفطية الخليجية نحو مليار دولار سنوياً، أي ما يشكل 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة. وتوقع "الوطني" أن تتأثر الواردات الخليجية من اليابان على نحو طفيف ومؤقت.
تكرار أزمة النفط
وشرح تقرير "الوطني" أن أزمة النفط التي حدثت في سبعينات القرن الماضي كان لها ترددات هائلة على الاقتصاد الياباني. وبحسب معهد الطاقة التطبيقية فقد كان النفط يشكل 80% من إجمالي الطاقة التي كانت اليابان تتزود بها آنذاك. ومنذ ذلك الحين اعتمدت اليابان على تطوير الطاقة النووية كأولوية في سياساتها لضمان أمن الطاقة، وبذلك انخفض اعتمادها على النفط. وقد نجحت في خفض اعتمادها على النفط في استهلاكها للطاقة إلى 47% في عام 2006.
وعلى مرّ الأعوام كانت الواردات اليابانية من النفط في تناقص. وتراجع مجموع الصادرات العالمية (برميل/عام) من النفط إلى اليابان بنسبة 25% ما بين عامي 1995 و2009، وخلال الفترة نفسها انخفضت الصادرات النفطية من دول الخليج إلى اليابان بنسبة ملحوظة بلغت 19%.
لكن ما ألحقه الزلزال من أضرار في محطات الطاقة النووية والمخاوف المتعلقة بالتلوث الإشعاعي ترفع القلق بشأن تأثيرها على تزود البلاد بالطاقة النووية. وبالنظر إلى الاعتماد المتزايد لليابان على الطاقة النووية في مجال استهلاك الطاقة رأى الوطني أن التراجع المحتمل في الطاقة النووية سيفتح المجال أمام الاعتماد على مصادر بديلة للطاقة، ومنها النفط والغاز.
وفي المدى المتوسط قد يزيد ذلك الطلب على النفط والغاز ويضغط على الأسعار للارتفاع. لكن ردّة الفعل الأولية على الزلزال أدت الى تراجع أسعار النفط، إذ تصاعدت المخاوف من تباطؤ النشاط الاقتصادي وتوقفه. وبالإضافة إلى ذلك، تم الاستعاضة بالغاز عن بعض الطاقة المفقودة، علماً أن الغاز متوافر بشكل كبير.
92 مليار دولار قيمة فاتورة الاستيراد
وقال تقرير "الوطني" إنه بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فإن النفط والغاز، تاريخياً، شكلا 99% من مجموع صادرات دول الخليج إلى اليابان.
وقد استوردت اليابان ما قيمته 92 مليار دولار من النفط في عام 2009 نحو 72% منها من دول الخليج.
وأشار التقرير إلى أن صندوق النقد الدولي يفيد بأن خمس دول خليجية من أصل ست كانت ضمن الدول الخمس عشرة التي تتصدر قائمة المصدّرين إلى اليابان (كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول). وبحسب منظمة الأونكتاد فإن 17% من صادرات دول الخليج تذهب إلى اليابان، أي بما يشكل 10% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي. وتتصدر الإمارات الدول الخليجية من حيث حجم الصادرات إلى اليابان، إذ تمثل صادراتها 36% من إجمالي صادرات دول الخليج مجتمعة إلى اليابان، تليها السعودية بحصة 30%.
لكن اليابان يستحوذ على 40% من إجمالي الصادرات القطرية، أي ما يشكل 15% من الناتج المحلي الإجمالي القطري، ما يجعل قطر الدولة الأكثر اعتماداً بين دول الخليج على هذه الصادرات.
واردات دول الخليج من اليابان
من جهة ثانية، لاحظ "الوطني" أن اليابان ساهمت بما نسبته 7% من إجمالي الواردات الخليجية في عام 2009. ومجدداً، كانت الإمارات الشريك الخليجي الأكبر في التعاملات التجارية مع اليابان باستيرادها نحو 36% من الواردات الخليجية من اليابان. ولكن رغم ذلك، لا تتعدى هذه الواردات 5% من إجمالي الواردات الإماراتية من العالم. وفي المقابل، تعتبر عُمان الدولة الأكثر اعتماداً خليجياً على السلع اليابانية التي تشكل 12% من مجموع وارداتها.
أما بالسبة للتعاملات التجارية اليابانية مع العالم، فقد استحوذت الصادرات اليابانية في عام 2009 على حصة 5% من إجمالي الصادرات العالمية. وفيما تقدّر مصادر مختلفة أن المناطق التي تعرضت للزلزال تسهم بما نسبته 8% من الناتج المحلي الإجمالي لليابان، إلا أن التأثير الكامل للزلزال على قدرة اليابان التصنيعية والإنتاجية بعد هذه الكارثة لم يتم تقييمه بعد، رغم الإعلان عن بعض الاضطرابات في الانتاج في مختلف أنحاء العالم، لاسيما في قطاعي السيارات والإلكترونيات. فاليابان تنتج أيضاً قطعاً تستخدم في الإنتاج في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة والصين، ما قد يسبب تعطيلاً في سير العمل أو ارتفاعاً في الأسعار، أو كلا الأمرين.
وأشار "الوطني" إلى أن السلع المصنعة تشكل 84% من مجموع واردات دول الخليج من اليابان. وفي الواقع، فإن 47% من هذه الواردات تصنّف "مركبات أرضية". وإذا توقفت خطوط التصنيع وسلاسل التزويد لوقت ما، فإن السلع اليابانية قد تتعرض لبعض الضغوط، لاسيما أن معظم السلع اليابانية المستوردة ليست سلعاً أساسية والبدائل عنها متوافرة.
انخفاض قيمة الين
ولفت "الوطني" إلى أنه أعقب الزلزال استرجاع أصول من الخارج لتمويل إعادة البناء أو لاستبدال أصول تبددت، ما أدى إلى رفع سعر صرف العملة اليابانية، ووضع بالتالي خطراً آخر على استعادة الانتعاش الاقتصادي في هذه الدولة التي حلّت بها المأساة. ولكن التدخل الأخير لليابان وباقي مجموعة الدول الصناعية السبع لمنع ارتفاع الين أثبت نجاحه حتى الآن.
وبدأ التدخل الياباني- الأوروبي في 18 مارس، ومنذ ذلك التاريخ، تراجع الين بنسبة 3% مقابل الدولار الأمريكي. ولكن حتى الآن، كان التأثير ضئيلاً جداً، ولايزال سعر صرف الين أعلى من متوسطه لعام 2010 (دولار أمريكي يعادل 88 يناً).
ومتى زال تأثير استعادة الأصول من الخارج، تتوقع الأسواق أن يتراجع الين أكثر، وإذا استمر ذلك التراجع المحتمل، فإنه سيجعل السلع اليابانية أرخص في الخارج.
ومن ناحية أخرى يجب ألا تتأثر صادرات دول الخليج بانخفاض قيمة الين، إذ إنها في معظمها سلع طاقة أساسية. لكن يشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط واحتمال توقف التصنيع قد فاقم مخاطر التضخم التصاعدية في العالم.(العربية)