مناطق خضراء وأخرى عمياء!!

تم نشره الثلاثاء 26 نيسان / أبريل 2011 01:13 صباحاً
مناطق خضراء وأخرى عمياء!!
خيري منصور

 

 

دشنت المنطقة الخضراء في بغداد بكل دلالاتها السياسية والبيئية تضاريس عربية جديدة، وليس معنى ذلك ان الاخضر اصبح مرادفا للمحتل الاجنبي او المنبوذ المحلي، فالاحتلال ليس طبعة واحدة، او وصفة محددة تصلح لكل مكان وزمان، ولو شئنا اعادة تعريف الاحتلال كي يشمل ما هو غير مرئي بالعين المجردة لوجدنا ان عالمنا العربي تدرج في العقد الماضي من المحتل مباشرة الى شبه المحتل واخيرا الى الدرج على قائمة الاحتلال.

وبين الساحات الخضراء والمناطق الخضراء او حتى الصفراء في عواصم العرب منطقة عمياء هي التي تنعدم فيها الرؤية بسبب كثافة الدخان او الغبار وليس الغيوم، هذه المنطقة الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود.. لكنه سوف يقتل ايضا في المهد.. في زمن قصرت فيه المسافة بين المهد واللحد بقدر ما اتسعت بين الرغبة والحلم والقدرة على ترجمتها الى واقع!

لن يخسر العرب كثيرا وقد يربحون اذا اقلعوا عن عدة عادات علنية في مقدمتها تقسيم الدماغ الى منطقة بيضاء متفائلة واخرى سوداء كابوسية ومتشائمة وقد لا نحتاج الى الاستشهاد بما يقوله العلماء المشتغلون في علم المستقبليات كبديل عن قراءة الطوالع وفناجين الساسة، لان امهاتنا قلن لنا ونحن نلثغ بالابجدية ان ما في القدر سوف تخرجه المغرفة، وان الاناء ينضح بما فيه لهذا لم يحدث ان فاجأنا أمهاتنا بإناء مليء بالماء وينضح عسلاً أو عصيراً، وبهذا المعنى ليس المستقبل في تعريفه العلمي الدقيق الا حاصل جمع الممكنات سواء كانت هاجعة في الحاضر أو ما تبقى منها من الماضي القريب.. والغريب ان المناطق الخضراء تكثر في زمن التصحر، سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو بالمعنى الزراعي الدقيق، وهذا ما يفسره علماء النفس قائلين ان الانسان يثرثر غالباً عما ينقصه، فالاقل تمتعا بالشرف يفرطون كما قال برنارد شو في الحديث عن الشرف، ويتسمون به بمناسبة وبدون مناسبة، لهذا فان من يشعر بأنه بحاجة الى المبالغة درءاً لتهمة ما هو المريب الذي لا تخطئه العين الذكية.

الألوان في هذه التضاريس المبتكرة تشبه قضية فلسطين الى حد ما، تلك القضية التي تذرع بها من أراد اسكات الناس لأنه منهمك في الاعداد لحرب تحريرها.. ثم اتضح ان ما أعده هو وأمثاله ليس سوى الخيام وما من قوة أو رباط خيل أو بغال!

ولا أدري لما تهبط القداسة فجأة على موقف ما بحيث يصبح محظوراً علينا ان نناقشه، ومن يفعلون ذلك يقدمون لمن يعارضونهم ويرون فيهم مطلق الفساد مبرراً بأثر رجعي.. ما دام من حق أي طرف أن يحتكر الحقيقة والشعار والحل!

المنطقة العمياء في عالمنا العربي أضعاف مساحة المناطق الخضراء، سواء كانت في طرابلس الغرب أو طرابلس الشرق والشمال والجنوب أو في بغداد حيث ظمئت حتى الأنهار ولم تعد عبارة أرض السواد تعني شدة الاخضرار الذي يقارب في كثافته اللون الأسود.

كم من التأهيل نحتاج كي نسمع غير صدى أصواتنا ونرى آخرين غير ظلالنا؟

ما نخاف منه حد الهلع هو أن تتكرر المسلسلات ذاتها رغم تغير الممثلين وخشبة المسرح.. اذا بقي السينارست هو ذاته الذي افرزه تاريخ ممهور بالعسف والوشاية!!(الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات