هل يحكم العلويون سورية (2-2)

منذ حركة 23 شباط 1966 اليسارية في سورية والتي اقصت ما عرف بالقيادة القومية التقليدية لحزب البعث, واوساط عديدة من داخل هذه القيادة ومن خارجها, شاع ان المجموعة العلوية في الحزب هي التي سيطرت على الحكم في دمشق.
وقد ازدادت هذه النبرة مع قيام حافظ الاسد باقصاء مجموعة الاتاسي - الزعين - صلاح جديد اليساري الراديكالية واعتماده على ما عرف بالعليين الاربعة ومنهم علي دوبا وعلي حيدر, بل ان هذه النبرة تحولت الى ايديولوجيا عند خصوم النظام سواء من قبل جماعات الاخوان المسلمين او بعض الشيوعيين (جماعة رياض الترك) في بداية الثمانينيات والتي ردتها مجموعة شيوعية متطرفة معارضة للاسد ومعظم افرادها من (الطائفة العلوية) هي رابطة العمل الشيوعي ردتها الى صراع بين برجوازية الدولة وبرجوازية السوق.. فماذا عن كل ذلك:-
1- منذ عام 1958 الذي تنازلت فيه البرجوازية السورية الوطنية عن الحكم لجمال عبدالناصر عبر دولة الوحدة مع مصر, لم يلق نظام في سورية تأييدا من بقايا هذه البرجوازية (السنية) كما لقي نظام حافظ الاسد بعد اطاحته بالمجموعة اليسارية.
2- منذ تكريس الاسد (الاب) لسلطته في بداية السبعينيات وحتى سلطة الاسد (الابن) لم تكن هناك هيمنة لاية طائفة في سورية, بل كان هناك نوع من تقسيم السلطة يمكن تلمسه في بلدان عديدة, ويستند في كل هذه البلدان الى شروط موضوعية (بيروقراطية دولة من ابناء الفلاحين والبدو وخاصة في قيادات الجيش والامن مقابل برجوازية سوق من ابناء المدن).
فمقابل هيمنة واضحة لابناء الريف (علويو اللاذقية وحمص وحماة) ثم الحوارنه السنة على الجهاز العسكري والامني ثمة هيمنة واضحة بالمقابل لابناء برجوازية المدن خاصة دمشق وحلب على السوق والتجارة والمهن الحرفية..
3- ان من يدقق في الموازنات السورية المختلفة يلحظ المعادلة نفسها في بلدان عديدة, فمقابل النفقات البيروقراطية الكبيرة, هناك نفقات استثمارية وجارية كبيرة ايضا تذهب في غالبيتها الساحقة الى العاصمة (السنية).
4- لم يحدث قط ان تولى علوي واحد رئاسة الوزارة في سورية, كما ظلت وزارات السيادة الرئيسية في يد السنة وهي وزارات الداخلية والخارجية والاقتصاد والدفاع.. ولم يحدث قط ان شكل العلويون اغلبية في اية حكومة.
وهناك من يذهب الى ان معادلة الرئيس ورئيس الحكومة اختلت بعد ان اختلت المعادلة التقليدية بين الحزب وبين غرفة تجارة دمشق التي قدمت رؤساء حكومات اقوياء محسوبين عليها رغم انتسابهم للحزب مثل الكسم وخليفاوي فيما كان رؤساء الحكومات من خارج هذه الغرفة هم الاضعف مثل الزعبي من درعا..
5- ان الرئيس السابق, حافظ الاسد, هو اول رئيس عربي لسورية منذ قرون, وذلك بالنظر الى الاصول المشوشة بين العربية والتركية والكردية للعائلات السورية التي قدمت بقية الرؤساء (الاتاسي - القوتلي - العظم..)
6- ولو أخذنا تركيبة الحكم الحالية لوجدنا الصورة التالية: عضو (علوي) واحد في القيادة القطرية للحزب - اربعة وزراء فقط في الحكومة بينهم وزير الاعلام الذي غالبا ما يكون علويا - محافظان اثنان فقط ايضا.
7- اما طبيعة الحكم في سورية, فمما لا يحتاج لنقاش ان الرئيس هو صاحب القرارات الحاسمة مقابل حضور (دوري) للقيادة القطرية ودور (معنوي) للجبهة الوطنية. ولا يستطيع احد ان يجادل في ان دور الرئيس وصلاحياته تختلف عن دور اي زعيم عربي وصلاحياته, ايا كان مذهبه واصله وفصله..
(العرب اليوم)