الأردن خليجي وشامي

ستتبخر كثير من الأحلام سريعا عقب ترحيب دول مجلس التعاون الخليجي بانضمام الأردن إليها.
ففي ظل الضائقة الاقتصادية، سيحلم كثيرون بالانضمام للنادي الخليجي، وسيسارعون إلى ارتداء العقال على أمل أن يقضوا الصيف في لندن متسوقين في "هارودز".
ترحيب دول الخليج خطوة مهمة ومفيدة، لكن لن تؤدي إلى نتائج فورية. وفي النهاية، لا مكان للدول المنفردة وحدها، سواء كانت صغيرة أم كبيرة. لا بد من إطار تعاون سياسي واقتصادي في عالم يتعامل مع تكتلات كبيرة.
الخطوة مهمة ومفيدة لأن الخليج عمق عربي واقتصاد كبير يحتاج لخبراتنا وكفاءتنا وعمالتنا. ولكن لنعرف حجم الفجوة بيننا وبين الخليج علينا أن نلاحظ الفجوات بين دول مجلس التعاون نفسه، سياسيا واقتصاديا. حتى في حدود البلد الواحد، يمكن ملاحظة الفرق بين كل إمارة من الإمارات العربية المتحدة.
فوق ذلك، علينا أن ندرك أن الخليج قد تطور وسبقنا في مناح كثيرة. ويمكن أن يدقق باحث في حجم الاستثمارات الأردنية في دبي مقارنة بالخليجية في عمان.
حتى في التعليم، علينا أن ندقق في تراجع التعليم عندنا مدرسيا وجامعيا وتقدمه عندهم. أما إعلاميا، فالقنوات الخليجية، قطرية وسعودية وإماراتية، تتحكم بالمشهد الإعلامي عربيا.
مع ذلك، ما يزال لدينا ما نقدمه، وسوق الخليج قادرة على تخفيف حدة البطالة عندنا. ومهما تحقق من تقدم خليجي، تظل الكفاءات الأردنية متفردة في كثير من المناحي، وهي قادرة على المنافسة في السوق الخليجية.
غير أن من السطحية التعامل مع الدول بوصفها شركات وأسواقا. فنحن في منطقة صراع، وكثيرا ما يتقدم جنون السياسة على منطق العقل.
لدينا الصراع العربي-الإسرائيلي الذي يصدع رأس العالم والمنطقة، ولدينا النفوذ الإيراني الذي لم يستقر شريكا ولا عدوا، يخشى من صداقته كما عداوته.
دول الخليج تتقوى بالأردن وبها يتقوى. ومجلس التعاون بالأردن ومن دونه هو خطوة وحدوية في مواجهة التشظي. لقد أثبت الربيع العربي أن الهوية العربية ما تزال فاعلة بزخم. وسواء أثمر الربيع إصلاحا أم تغييرا، فإن العالم العربي يتقدم للأمام، وغدا محل احترام العالم.
ومن مصلحة الأردن ومجلس التعاون، باعتبارها دولا ملكية، تقديم مقاربة إصلاحية تقطع أبعد شوط بأقل كلفة.
في إطار الهوية العربية، ملامح الأردن شامية أكثر منها خليجية، مع ملاحظة طابع البداوة والعشائرية المشترك مع الخليج.
إلا أن تحقيق تعاون بين بلاد الشام يواجه عقبات كبرى، سواء بسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين أم بسبب طبيعة النظامين السياسيين في سورية ولبنان.
الأردن هو جسر تاريخي باتجاهين؛ بين الجزيرة العربية وبلاد الشام. والمأمول أن يتحول الجسر من حلم إلى واقع قريبا. (الغد)