إن قامت مصر قامت الأمة!

إن قامت مصر قامت الأمة..عرفنا ذلك حين كبت مصر في اتفاقيات كامب ديفيد وخرجت من الصراع..يومها تيتمت الأمة وانفرط عقدها وتداعت عليها الأمم..فكان ما حدث في العراق..وكان ما أصاب القضية الفلسطينية من تراجع وانقسامات..
اليوم بنََفس مصر وعلى ايقاع نهوضها بعد ثورتها الجديدة تتغير أشياء في المنطقة ما زالت وليدة تعد بالأفضل..
من ميدان التحرير الآن ترفرف أعلام فلسطين..ويعود الوعي القومي بعد «عودة الروح» في 25/يناير الماضي..فقد ظلت مصر تحمي بوابتها الشرقية في فلسطين منذ وصول الهكسوس اليها ومنذ توجه السلطان قطز والظاهر بيبرس للدفاع عن مصر عند حلب..فالدفاع عن مصر يبدأ من فلسطين كما قال فلاح مصري أمس الأول في ميدان التحرير في يوم تضامن مصر مع فلسطين في ذكرى النكبة..
فلسطين هو عنوان استقلال أي بلد عربي وباحتلال القدس يظل أي استقلال عربي ناقصاً مهما حاول المزينون أن يزينوا ولعل احتلال القدس ظل وراء كل حركة احتجاج أو اضطراب أو ثورة حقيقية في العالم العربي..وحين ظلت سنوات الاحتلال للقدس تمتد ظل العالم العربي الاسلامي يفقد توازنه وتتطلع شعوبه الى فك أي قيد يعترضها وحتى ادانة أي نظام لها يقف في وجه المطالبة بعودتها لهويتها العربية..
ومن ذلك ما أورده ابن الأثير في تاريخه عام 497 ﻫ لحادثة احتجاج النساء على حاكم دمشق حين احتل الفرنجة القدس وقد قطعن جدائلهن ورمينها في وجهه وهن يصرخن «خذ هذه قيّد بها خيلك»..!!
اليوم في ظل نَفس الثورة المصرية الجديدة تمكن الفلسطينيون من الشروع في إعادة بناء وحدتهم الوطنية التي ظلت رهينة الانقسامات العربية وسمسرة النظام الأمني المصري السابق..
واليوم تستطيع اسرائيل أن ترى أنه لن يضيع حق وراءه مطالب وأنها في عنجهيتها واستكبارها وعربدتها قد أضاعت فرصاً كبيرة في الوصول إلى السلام..ولعلها حين ترى الأنظمة العربية القادمة والمتحولة والمتأثرة بإرادة الشارع العربي تحتكم إلى ارادة الشارع ورغبته ستغير الكثير من مواقفها وان لم تغير ستدفع الثمن..فالعربي الآن يخرج من القمقم الذي فتحته حركات الاصلاح واحساس العربي أنه انسان وأنه يعيش في عالم شرعته حقوق الانسان والحرص على كرامته لا بد أن يترجم..سينتهي الزمن الذي تستعمل فيه اسرائيل الرصاص المطاطي..
وسينتهي الزمن الذي يشعر الزعيم العربي الذي خلد نفسه في السلطة ولم يقبل تداولها وسجلها بما في ذلك الأوطان والشعوب باسمه لثلاثين وأربعين سنة وهو ما جعل الأطراف الطامعة في العالم العربي وثرواته تركن الى أنها تتعامل مع أنظمة لا تأخذ قوتها وحمايتها من شعوبها وإنما من الأجنبي الذي يدعم بقاءها..
لقد كشف الواقع العربي الجديد بعد الثورات وحركات الاحتجاج في العديد من العواصم وما زال يكشف عن حقائق مروعة..فقد رفعت السجادة وبان ما تحتها من فساد وجور وتعسف وتفريط وسمسرة وانعدام احساس بالوطنية ..نعم ذاب الثلج وظهر ما تحته..المسألة صادمة ولكن هذه الجراح سوف تشفى وسينهض العربي ليكون انساناً كسائر البشر الذين عرفوا معنى الحرية.(الراي)