لا يستقيلون ولا ينتحرون

الم يستقل الرئيس الفرنسي الاسبق ديغول, لان الشعب لا يؤيده ولا يحبه, بل لان مجموعة من الطلبة قررت ذلك فاحترم نفسه وخلفه تاريخ طويل من الانجازات.
ومثل ديغول, رؤساء استقالوا او انتحروا لاسباب اقل كثيرا مما يستوجب رحيل او انتحار العديد من الرؤساء العرب, الخانعين للخارج والمتورطين في الفساد ...
والفرق بين هؤلاء واولئك هو فرق بين المشاعر والكرامة والقيم والمستوى الثقافي والانساني والاحساس بالمسؤولية الاخلاقية والانسانية والوطنية واحترام الذات والآخر وكذلك الاستقلالية والنزاهة ونظافة اليد ...
ولذلك ليس متوقعا من رؤساء يفتقرون الى الاحاسيس والاخلاق وكرامة المسؤول والشرف العسكري والوطني ان يذهبوا مختارين او برصاصة واحدة انتحارا, بدلا من قتل شباب في مقتبل العمر بدم بارد, ناهيك عن ان هؤلاء المسؤولين لم يحققوا انجازا وطنيا واحدا, ولم يحتجوا على وصايا وإملاءات المندوب السامي الامريكي مرة واحدة, ولم يتوقفوا عن نهب البلاد واذلال العباد, وتحويل الدولة الى مزرعة عائلية يتحكم بها اقاربهم من الدرجة الاولى الى الدرجة العاشرة ...
في البلدان المحترمة, اذا ما شعر رئيس ما ان الاقلية, ناهيك عن الاكثرية لا تريده, يغادر ليكتب مذكراته, او يعيش ايامه مع عائلته واصدقائه قارئا اذا كان شغوفا بالقراءة والكتابة, او مستمتعا بهواية ما او ذائقة موسيقية ... الخ .
اما في مناطق اخرى مثل مزارع الرؤساء العرب, حيث تسود البلادة عندهم وعند بطاناتهم وحيث لا احاسيس من اي نوع, لا بالمسؤولية الأخلاقية ولا بالمسؤولية الوطنية ولا ازاء دم الشباب الواعد, وحيث البطن الاجرب الذي لا يشبع من النهب والسُحت والمال الحرام ....
يواصلون الحكم والقتل واعمال اللصوصية وفق المعزوفة المكررة المقرفة نفسها التي تعلموها من المندوب السامي وتلاميذه في الاعلام المأجور: الشرعية المزعومة وفق انتخابات شكلية مزورة ...
والجدير ذكره, اخيرا, ان احترام الذات بالاستقالة او الانتحار بسبب هزائم صغيرة او اخفاقات عابرة مع عدو او صديقه وهو يشكل ظاهرة عامة عند كل الشعوب »الراقية« فهو ظاهرة خاصة عند قطاعات محددة (بعض الاوساط الادبية مثل دوستويفسكي وهمنغواي وخليل حاوي وتيسير السبول ... الخ).
وفي ثقافة بعض الشعوب ايضا الساموراي في اليابان والقادة الالمان (رومل, هتلر ....). (العرب اليوم )