عيد استقلال بطعم الربيع العربي

لعيد الاستقلال في هذا العام طعم خاص، فهو يمر في لحظة حساسة، ويتزامن مع ربيع عربي ينشد الحرية والديمقراطية، ويتطلع لتلبية تطلعات شعوب حُرمت من الحرية السياسية والفرص الاقتصادية.
وليوم الاستقلال في هذه المرحلة رونق مختلف هذا العام، فهو يعاصر حراكا شعبيا بدأ منذ شهور مطالبا بالإصلاح لينتقل بالأردن إلى مرحلة جديدة تسهم بتطويره بالشكل الذي نحب وفق معايير مختلفة هذه المرة.ويوم الاستقلال هذه المرة بثوب جديد هو ثوب الوعي الذي اعترى الشباب الذين أفرزوا قوى اجتماعية وسياسية صاعدة تمتلك روحا وديناميكية جديدتين ومختلفتين عن تلكما اللتين عهدناهما في المعارضة التقليدية، وقادرة على التعامل مع غالبية المجتمع الطامح بالتغيير والإصلاح.
الأردن بشكله الجديد يصاغ وترسم ملامحه في المرحلة الراهنة الحساسة من قبل الملك الذي بذل جهودا كبيرة خلال الفترة الماضية حققت اختراقات ومكاسب دبلوماسية كبيرة للأردن.
ونرى الملك أكثر تقدما من حكومات طالما ماطلت في جعله واقعا، فالرؤية الملكية في هذا المجال تسبق كل المسؤولين في مجال الإصلاح السياسي وصون الحريات العامة وحرية الصحافة.
والحلول الاقتصادية كذلك تأتي من مظلة ملكية وفي طياتها مساع مستمرة في جذب مستثمرين لإنشاء استثمارات تسهم بحلول حقيقية لمشاكل الفقر والبطالة، والحصول على مساعدات عربية وأجنبية ستساعد على حل مشكلتي العجز والدين.
ولعل الاستقلال يذكرنا بواجباتنا تماما كحقوقنا التي استلبت بسبب سياسات حكومات تنصلت من مسؤوليتها، حتى نبني هذا البلد ونعلي من شأنه، ونتجاوز أخطاء الماضي والعثرات التي مررنا بها خلال عقود من العمل والبناء.
في يوم استقلالنا نستعيد أحلاما وآمالا بالعمل جميعا بعيدا عن الأجندات الضيقة والمصالح الخاصة، لنضع البلد على طريق سليم ونتجاوز ما يحيق به من تهديدات خارجية، وذلك لا يتسنى إلا بإصلاح يضع مصلحة الأردن قبل كل شيء، ويؤمن أن الاستجابة لمطالب الشارع هو الطريق الأسهل للبناء على الإنجاز.
ونتمنى أن يأتي عيد الاستقلال المقبل والأردن أفضل حالا، وخال من الاعتداءات على الصحافيين ومن التدخل في عملهم، ولربما تنطوي الأيام لنجد أنفسنا في عيد استقلالنا المقبل ننتخب مجلس نوابنا وفق قانون حضاري وعصري يضمن تمثيل كل الأردنيين، وننتسب لأحزاب ذات رؤى جديدة ومن دون خوف وسط أجواء تكفل الحريات العامة.عام جديد من الاستقلال نتطلع خلاله إلى مسؤولين أكثر شعورا بالمسؤولية، ولا يرددون عبارة " تعليمات من فوق" فهي محض خيال صنعوه هم لخدمة مصالحهم وأجنداتهم وعطلوا مسيرنا، بل أكثر من ذلك حين جعلونا نعود خطوات إلى الوراء.
أمامنا عام منذ اليوم لنخط طريق الإصلاح بخطى ثابتة تقودنا إلى طريق الأمان، وتعبر بالأردن ربيع العرب من دون أن تجف أغصانه.
( الغد )