التآمر على الفلسطينيين والسوريين في مخيم اليرموك

يمكن شن هجوم شنيع على النظام السوري وحليفه أحمد جبريل بعد الكارثة التي شهدها مخيم اليرموك، والتي ذهب ضحيتها ستة فلسطينيين على الأقل، خصوصا أن النظام لم يتورع في الغضون عن ارتكاب جرائم أبشع منها بحق أبناء شعبه، كما أن جبريل متماه مع النظام السوري وسبق أن قاتل أبناء شعبه ولبنانيين وفق حسابات "قومية" مع نظام الأسد الأب.
ما حصل جريمة ومؤامرة خصوم جبريل ليسوا مبرئين منها، وهو لا يعذر بحماقته، بل على العكس هي شرط لنجاح المؤامرة. وذلك لا يلغي تاريخ الرجل الذي استشهد ابنه على يد الموساد قبل أن يزج بأولاد الناس على حدود الجولان المحتل. وهو قائد الفصيل الذي نفذ عمليات الطائرات الشراعية التي فجرت الانتفاضة الأولى.
المشهد الدامي الثاني على الحدود يختلف تماما عن المشهد الأول في ذكرى النكبة، ولذا كان قرار جميع الفصائل، باستثناء القيادة العامة، عدم المشاركة. ولم يشهد لبنان تنظيم مسيرة على الحدود، ولم يحصل صدام مع الجيش اللبناني الذي منع من حاول الوصول. وبالمناسبة، فإن الحدود اللبنانية رخوة قياسا على السورية. وإن كان بإمكان أي كان الوصول إلى نقطة الحدود في لبنان، فإن أبناء قرى الجولان السوريين من الصعب عليهم زيارة مناطقهم إلا بتراخيص معقدة من الجهات الأمنية.
وفي المفارقات السورية التي لا تنقطع، التغاضي عن مأساة النازحين السوريين من الجولان، وعددهم مليون؛ أي إنهم يزيدون على عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية. وهؤلاء أولى الناس بالعمل العسكري المقاوم لاستعادة أرضهم والعودة إليها، وليس فقط التظاهرات السلمية على الحدود وفي وجه أي مسؤول أميركي أو أممي يزور سورية.
تتحمل السلطات السورية وأحمد جبريل كثيرا من وزر ما حصل. والوزر الأكبر يتحمله أنصار فتح أبو مازن الذين استغلوا الكارثة بشكل لا يخدم غير العدو الإسرائيلي الذي حول مقاومته إلى مجرد "محاولة" للفت الأنظار عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري. استشهد من استشهد على يد العدو، فلماذا تستغل دماؤهم لقتل المزيد على يد الفلسطينيين؟
السلطات السورية تصرفت بحكمة على غياب حكمتها في الشهور الماضية. فقد رفضت نجدة جبريل بعد محاصرة المتظاهرين لمقره في الخالصة، وبحسب مصادر فلسطينية ساهمت في الوساطة والإصلاح، فإن المتظاهرين كانوا سيقتلون جبريل ومن معه، وقد قتل في فك الحصار ثلاثة من عناصر القيادة العامة بالرصاص وبالضرب، كما قتل ثلاثة من المتظاهرين بالرصاص.
لنتخيل لو أن الأمن السوري هو من فك الحصار عن جبريل، ماذا كان سيحصل، وحماقة الأمن السوري تسبق حكمته بالعادة؟ الحمد لله أن ذلك لم يحصل، وهو ما قلل من حجم الكارثة. ما حصل مؤامرة متعددة الأوجه، وأهل اليرموك يعرفون تماما أن جبريل أسهم وكثير من المستقلين معه في دفع المتظاهرين نحو مقتلهم، بقدر ما هم متأكدون من العناصر التي حرضت على القيادة العامة وأشعلت فتنة فلسطينية-فلسطينية وكاد أن يزج بها السوريون. والمؤسف أن دموية النظام السوري وحماقة جبريل تحولان دون الوثوق بتحقيق عادل يكشف العناصر المتآمرة.
المطلوب إسرائيليا تكرار مأساة فلسطينيي الكويت الذين اتهموا بالعمالة لنظام صدام. ولك أن تتخيل المشهد، الإسرائيليون يقفون مع شعب سورية والفلسطينيون ضده! ما لا يدركه المتآمرون والحمقى أن شعب سورية أذكى من أن تنطلي عليه المؤامرة. ( الغد )