الأردن والمغرب وأسئلة الإصلاح

تم نشره الأحد 19 حزيران / يونيو 2011 12:10 صباحاً
 الأردن والمغرب وأسئلة الإصلاح
عريب الرنتاوي

الأردن والمغرب، هما الملكيتان العربيتان الوحيدتان خارج إطار الممالك الخليجية...وهما دعيتا في الوقت عينه للالتحاق بهذا الإطار، الأولى بناء على طلبها والثانية أُخذت على حين غرة...الأولى متحمسة لعضوية الخليج، والثانية تسير بقدم واحدة للأمام والثانية للوراء...من نافل القول أن الملكيتين من حيث طبيعة النظام السياسي وحقوق المواطن والحياة الحزبية والمدنية، هما الاكثر تطوراً في عالم الملكيات العربية.

لا يملك المراقب القدرة على مقاومة إغراء المقارنة بين التجربتين، الأردنية والمغربية...نقارن نظامنا السياسي بنظامهم...أحزابنا بأحزابهم...ثقافتنا المجتمعية بثقافهم...مجتمعنا المدني بمجتمعهم...»إسلامنا السياسي» بإسلامهم...وغالباً ما تنتهي المقارنات بالاعتراف الصريح بتقدم المغرب على الأردن، وتقريباً في مختلف هذه الميادين...وأحياناً بمسافات تطول أو تقصر.

قبل أيام، نشر موقع «إيلاف» تقريراً عن العقبات التي تعترض التحاق الأردن والمغرب بركب «التعاون الخليجي»...التقرير من النوع العادي وغير المثير للاهتمام، لولا أن القرّاء من مختلف الدول والمجتمعات ذات الصلة، اشتبكوا مع بعضهم البعض من خلال عشرات التعليقات، التي وفّرت مادة خصبة للمراقب، للتعرف على نظرة كل شعب ومجتمع للشعوب والمجتمعات الأخرى.

ولأنه من المتعذر لأسباب اخلاقية أن ألخص كل ما قيل، فسأكتفي بالإشارة إلى بعضها، بدءاً من أن بعضا منّا –بما فينا الخليجيين يختصرون المغرب بـ«علبه الليلية»، ما حدا بالمغاربة والمغربيات إلى اتهام الخليجيين بالتخلف والبدائية، هؤلاء يفخرون بـ»موليير» و»شكسيبر» و»فولتير» وأولئك يتحدثون عن ثرائهم الذي لا يريدون التخلي عن جزء بسيط منه، تحت أي مسمى ولأي سبب وذريعة.

في السجال الخليجي / المغربي، الأردن يقع في منزلة وسط بين منزلتين...بمعيار الحداثة والمدنية، الأردن سابق للخليج...وعندما أقول الأردن أعني الدولة والمجتمع على حد سواء...بيد أنه بالمعيار ذاته، يقع خلف المغرب...ولقد سبق وقلت قبل بضعة أسابيع، وفي معرض تعليقي على دعوة المغرب للانضمام لعضوية مجلس التعاون، أن لا حاجة لهذا البلد، وهو الذي يفتح نوافذه على أوروبا، لمثل هذه العضوية، ولم أكن أيضا سعيداً من منظور سياسي وحقوقي وديمقراطي، بقبول طلب الأردن الانضمام للنادي ذاته، وفي هذا التوقيت بالذات.

أمس، كرّس المغرب تقدمه علينا، وسجل قصب السبق في الوصول إلى «الملكية الدستورية»...وأعلن الملك عن تعديلات تقلص من صلاحياته نوعاً، وإن كانت تبقي بين يديه الكثير منها حتى الآن، بما في ذلك قيادة القوات المسلحة وموقع «أمير المؤمنين» الذي لا أفهم ماذا يعني حقيقة...لكن الملك بعد الآن، سيكون ملزما باختيار رئيس حكومته من الحزب الفائز في الانتخابات، وقد جرى اعتماد التمثيل النسبي، وسيكون هناك تداول على السلطة، وقد عززت التعديلات الدستورية، صلاحيات الحكومة والسلطة التشريعية، وربطت المسؤولية بالمساءلة، فلا أحد خارج دائرة المساءلة والمحاسبة، طالما تجمعت بين يديه صلاحيات تنفيذية ومسؤوليات عن السياسات والإجراءات والتشريعات.

ولقد كنّا تنبهنا مبكراً إلى ظاهرة «العدالة والتنمية» في المغرب...وبالمناسبة، فقد كان إخواننا المغاربة سبّاقون في اختيار هذه التسمية – قبل أصدقائنا الأتراك – وهم كما بات يعرف الجميع، يتبنون خطاباً سياسياً ذا مرجعية إسلامية حداثية ومتطورة، تتقدم بمسافات واضحة على الخطاب الإخواني الذي ما زال متلعثماً حتى الآن في تبني خطاب الحداثة والإصلاح، وتشوبه مساحات رمادية، لطالما جرى تذكيرهم بها، إلى الحد الذي جعل بعضهم يكره هذا اللون، ويتحسس من ذكره على مسامعهم....ومن باب أولى، فلا مقارنة من منظور الحداثة والمدنية، بين خطاب «العدالة والتنمية» من جهة وخطاب السلفية بمدارسها وكتاتيبها المختلفة من جهة أخرى.

على أن الأردن، لا بد سيتأثر بما يجري في المغرب...برغم الفاصل الجغرافي الكبير...فإن كان هناك من بين الملكيات الثماني في العالم العربي، من يتعين على الأردن مقارنة نفسه به، وخوض التنافس الإيجابي معه، فهو المغرب...وبهذا المعنى فإن تقدم المغرب على دروب الإصلاح السياسي، وإن كان تقدماً محدوداً حتى الآن، سوف يكون عامل ضغط وتأثير معنوي على الأقل...وسيكون هناك دائما من سيقول: لماذا لا نفعل ما فعل أشقاؤنا المغاربة ؟...وهو بالمناسبة سؤال محق ومشروع...لماذا لا نفعل ما فعلوا، بل ولماذا لا نسعى لتخطيهم على هذا الطريق، فينتقل السؤال ذاته، إلى دوائرهم السياسية والفكرية والاجتماعية: لماذا لا نفعل ما فعل الأردنيون ؟ ( الدستور )
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات