من يقطف الكاكاو

اكثر ما يفزع منظري البنك الدولي والليبرالية المزعومة وبرامج التصحيح الاقتصادي وصحافة الشركات, ما تنشره التقارير الدولية حول الجوانب الاجتماعية السريعة الناجمة عن رسملة العالم وخاصة في جنوبه واطرافه البائسة.
في تقرير لمجلة التايم الامريكية حول تجارة الاطفال في البلدان الصديقة للرأسمالية الامريكية ومنهم تايلند واندونيسيا, ثمة وسطاء ينتقلون بين القرى والمدارس ويدفعون للمدرسين والعائلات الفقيرة مقابل استئجار او شراء اطفالهم..
ولا تقتصر تجارة البغاء على البنات الصغيرات فثمة زبائن للاطفال ايضا كما يحشر القسم الاعظم منهم لاغراض العمالة الرخيصة في ساحات ضيقة اشبه بالحظائر, ومسيجه بالخشب ومسقوفه بالصفيح يطلق عليها "الجرمال" ويعيش الاطفال فيها على الحد الادنى من الطعام, ويَنْفُق بعضهم ويموت مثل الحيوانات.. ويجري دفنهم بصورة جماعية بعيدا عن ذويهم.. وبالمثل, فان الفتيات الصغيرات يلفظن انفاسهن مبكرا بسبب الايدز..
وفي ترجمة سابقة للزميل بديع ابو عيده عن مجلة ايطالية حول عودة العبودية بين الصغار في مالي وساحل العاج, ان الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 5 و 15 سنة يعملون في مزارع الكاكاو في ظروف انسانية مخزية.. حبة موز واحدة في العاشرة صباحا.. ووجبة ذرة بائسة في التاسعة مساء.. وغالبا ما يكونون عرضة لشتى انواع العنف, فيجبرون على تناول المخدرات ويتعرضون للاغتصاب.. وينامون في ظروف اسوأ من الحظائر ومن دون اسرة او احمامات.
وفي كولومبيا الغنية المنهوبة من الشركات الامريكية وعملائها المحليين وبدلا من اقامة طرق حديثة او جسور بين الوديان السحيقة فان الاطفال والتلاميذ الذاهبين الى المزارع والمدارس يوضعون في شوالات ويدفعون عبر خطافات وحبال بدائية, ولا يمر يوم واحد من دون ان يسقط احد هذه الشوالات بمن فيه من اطفال فقراء يعيلون عائلاتهم او يتوقون للتعلم في المدارس البعيدة.
وقبل ذلك كله, فان لهذه الثقافة الاجرامية الرأسمالية جذورها البعيدة في الحملات الاستعمارية على الشرق الاسلامي والارثوذكسي والمعروفة باسم الحملات الصليبية فمن قتل اطفال بلدة المعرة السورية وشويهم على الرماح واكلهم (حسب الكتاب الروسي حول هذه الحملات) الى ما ذكره الباحث (المسيحي الفلسطيني) سميح غنادري عن حملة الاطفال (الصليبية) بتحريض من البابا.. وكان ذلك قبل قرون من بكاء الاعلام الاوروبي والامريكي على الاطفال المسلحين في الصومال والمخيمات الفلسطينية في لبنان. ( العرب اليوم )