بينو : أكبر مشكلة أواجهها اشاعات الصالونات السياسية و بعض وسائل الإعلام

المدينة نيوز -  كلمة رئيس هيئة مكافحة الفساد التي ألقاها في النادي الأرثوذكسي مساء أمس الثلاثاء :

 بسم الله الرحمن الرحيم

•        أصحاب العطوفة والسعادة؛
•        أيتها الأخوات ... أيها الأخوة؛
•        أسعد الله مساءكم جميعاً

إن الحديث عن مكافحة الفساد ... في جوّ مشحونٍ ... وفي ظروف استثنائية ... كهذه الظروف التي نمرّ بها حالياً ... يزيد من الضغوط النفسية ... على هيئة مكافحة الفساد ... وعلى العاملين فيها ... خاصة وأن الجميع ... يـُمارس حقه في التعبير عن رأيه في قضايا الفساد ... بأساليب مختلفة ... وأسباب متعددة ... قد تصل إلى مرحلة القسوة ... أو الإساءة للوطن في بعض الأحيان ... بكل أسف.

لهذا أريد أن أؤكد في بداية هذا اللقاء ... بأننا نتعامل مع كافة القضايا ... ليس من منطلق الواجب الوظيفي فقط ... وإنما باعتبارها مسؤولية وطنية ...  بدون تلميع أو مزاودة ... وبدون أن نقف مع طرف ضد طرف آخر ... فالأردن لا يحتمل القسمة على أكثر من واحد ... ولا القسمة على أكثر من طرف ... والشعب الأردني ... يستحق منـّا أن نقول له الحقيقة المجرّدة كما هي ... بدون إضافات أو نكهات ... قد تخدم هذا الطرف أو ذاك ... لأن ذلك يسيئ للوطن في المحصلة النهائية.

وهنا فلن أخوض كثيراً في تفاصيل قضايا الفساد ... لأن الهدف الذي نسعى إليه هو مكافحة الفساد والمُفسدين ... ووقاية المجتمع من مخاطرة ... وتوعية المواطن الأردني  بطرق التصدي له ... وصولاً إلى مجتمع نزيه ونظيف .... يـُساهم في ترسيخ ثقافة مكافحة الفساد والإفساد ... خاصة وأن الإرادة السياسية التي يقودها جلالة الملك حفظه الله ... تريد مجتمعاً آمناً مطمئناً مـُتعاضداً ... يتصدى للفساد من جهة ... ولا يسمح للمـُزاودين بأن ينفثوا سمومهم في المجتمع من جهة ثانية ... وكذلك أن لا نمنح الفاسدين فرصة لتحصين أنفسهم ... في خضم الفوضى التي تسيطر أحياناً على نبض الشارع.

•        أيتها الأخوات ... أيها الأخوة

ورغم قناعتي الشخصية ... بأن الحراك الذي يشهده المجتمع  ... فيه بعض مظاهر الحرّية والديمقراطية ... والتعبير عن الرأي والرأي الآخر ... وهذا مصدر فخر لنا ... لأن بعض الشعوب العربية الشقيقة ... تدفع ثمن  مطالباتها بالحرية من دماء أبنائها وبناتها ... وبعضهم شـُرّدوا وهـُجّروا ... إلا أن الحِراك غير المسؤول في الأردن ... يقود بكل أسف إلى الفوضى ... وهذا ما لا نـُريده ... لأنه يسيئ للمجتمع وللدولة وللنظام الأردني المؤسسي ... لهذا تحرص هيئة مكافحة الفساد ... على أن تكون ضمير كل مواطن ... وأن تكون صوته ... وأن تكون المـُدافع عن حقوقه ... ونحن نعتز بأننا حـُرّاس المال العام ... وأننا عند ثقة جلالة الملك المـُعظم  ... وعند ثقة الشعب الأردني ... لهذا أجدد التأكيد بأن الهيئة ستكون عند حـُسن ظن الجميع ... وستؤدي دورها بقوة ... فلا حماية لفاسد ... ولا حصانة لمن يسرق أموال الوطن ... ولن نصمت على أحد ... لأن المصلحة العليا هي غايتنا ... والنظام الهاشمي الحكيم هو قمّة مـُبتغانا.

ونحن لم نـُحابي أحداً ... ولن نـُحابي أحد على حساب مصلحة الوطن ... فقد تعاملنا مع ملفات الكازينو ... وسكن كريم وموارد واتحاد نقابات العمال ... وغيرها من القضايا ... بكل مهنية وروح وطنية ... وتعرّضنا للنقد أحياناً ... وللهجوم أحياناً أخرى ... لكننا لم نصمت ولم يتوقف دورنا ... لأننا أصحاب رسالة ومسؤولية ... ولأن الثقة الملكية التي مـُنحت لنا تستوجب منـّا ... أن نكون أُمناء على الوطن ... وعلى مستقبلة ... وعلى الاقتصاد والاستثمار فيه ... وعلى حماية بعض الرموز الوطنية من اغتيال الشخصية ... وعدم السماح بأن تكون مكافحة الفساد ... شعاراً رنـّاناً لخدمة أهداف صغيرة وضيّقة ... وليس هدفاً واقعياً يخدم الجميع.

لهذا فإن المسؤولية في أعناقنا كبيرة ... والأمانة تتطلب منـّا أن نكون دقيقين في قراراتنا ... حتى لا نظلم أحداً ... وقد تعرّضنا للنقد عدة مـرّات بسبب التأخر في إقفال الملفات ... لأننا لن نقبل على أنفسنا أن نظلم برئياً ... أو أن نـُبـرئّ مُتهماً ... ولم يسبق لنا أن تراجعنا عن قرار لنا ... لأننا ندرسه بعناية ... ونتخذ القرار المُناسب بشأنه ... دون خوف أو وجل ... ولكن دون ((بهارات أو نكهات)) كما يحب البعض.
وأكبر مشكلة نواجهها هي الإشاعات والكلام غير المسؤول ... في الصالونات السياسية ... وفي بعض وسائل الإعلام غير المسؤولة ... فأسهل شئ هو توجيه الاتهامات بالفساد ... ولكن أصعب شئ هو إثباتها ... وهنا أستذكر معكم قول الله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم ... {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ... صدق الله العظيم.

وفي المـُقابل ... يجب أن نعرف بعض المعلومات حول الفساد ... باعتباره ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ... لأنه يعني : استغلال السلطة العامة من أجل تحقيق منفعة خاصة ... وهو ليس مقتصراً على القطاع العام ... أو القطاع الحكومي ... بل وصل الفساد إلى القطاع الخاص ... والبعض اعتبر أن أسباب الفساد في القطاع العام ... تعود في كثير من الأحيان للقطاع الخاص ... أي أن الفساد هو آفة مجتمعية ترتبط بالمجتمع ... وتحتاج إلى تضافر كل قوى المجتمع للتصدي له.

•        أخواتي ... وإخواني؛

لقد ركزت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ... على محاور متعددة ... ارتبطت بتعزيز قدرات الهيئة حتى تؤدي دورها على أكمل وجه ... ومحاربة الفساد والوقاية منه ... والتثقيف والتدريب والتوعية العامة بالفساد ومخاطرة في المجمتع ... إلى جانب إنفاذ القانون ... وتنسيق الجهود مع الجميع لمكافحة الفساد والتصدي للفاسدين ... إضافة إلى التعاون الدولي في هذا المجال ... والاستفادة من خبرات الدول المـُتقدمة والمنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال ... بما يكفل تحسين صورة الأردن عالمياً ... والتقدم التدريجي عالمياً في إدارة ملف مكافحة الفساد.

ويقع ترتيب الأردن بين الدول العربية على مستوى الشفافية ... في المرتبة الخامسة ... حيث سبقنا العديد من الدول العربية ... وهذا إنجاز أردني لا يجب إغفاله ... كما أن ترتيب الأردن يقع في الوسط على مستوى العالم ... ونأمل أن يتقدم ترتيبنا ... في ظل تعديل التشريعات وتحسين الإجراءات وآليات العمل ... ودعم قيم النزاهة والشفافية والمساءلة ... التي تكفل تقليص حجم البيئة التي تـُمكـّن الفساد من العمل براحة.

وقد تعاملت الهيئة العام الماضي مع (891) قضية فساد في القطاع العام ... مقارنة مع (263) قضية في القطاع الخاص ... منها على سبيل المثال ...  (17) قضية اختلاس في القطاع العام ... مقارنة مع (6) قضايا في القطاع الخاص ... و (10) قضايا احتيال في القطاع العام مقارنة مع (14) قضية في القطاع الخاص ... و (47) قضية تزوير في القطاع العام مقارنة مع (23) قضية في القطاع الخاص ... و (431) قضية إساءة استعمال السلطة في القطاع العام ... مقارنة مع (92) قضية في القطاع الخاص.

وتعاملت الهيئة مع 1889 شكوى العام الماضي في مجال المعلومات والتحقيق ... منها 41% إساءة استعمال السلطة ... و 39ر11% تزوير ... و 10% مساس بالمال العام ... وقد أحالت الهيئة (162) قضية منها إلى المدعي العام ... فيما حفظت حوالي (491) شكوى لعدم ثبوت وجود شبهة فساد فيها ... وهناك (528) شكوى لا تزال قيد التحقيق.

وقد ورد للهيئة خلال النصف الأول من العام الجاري 527 قضية ... تم حفظ 79 شكوى منها بسبب عدم وجود شبهات فساد فيها ... وتم إحالة تسعة قضايا منها إلى المدعي العام في الهيئة ... وهناك 439 قضية لا زالت قيد النظر في الهيئة.

أعتقد أني وضعت بين يدكم مادة ثرية حول مكافحة الفساد ... لهذا سأتوقف لاستمع إلى مداخلاتكم وأسئلتكم ... وأشكر النادي الأرثوذكسي على إتاحة هذه الفرصة لي ... لأتحدث عن الدور الوطني الذي تقوم به هيئة مكافحة الفساد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته