الطاغية, مرة ثانية

في كتابه (الطاغية) الصادر عن عالم المعرفة في الكويت, يميز امام عبد الفتاح بين ثلاثة مصطلحات ملتبسة هي الطاغية والمستبد والدكتاتور, ولاهمية هذا الموضوع في ضوء ما تشهده الامة العربية من ثورات وانتفاضات شعبية ضد الاشكال الثلاث, فيما يلي موجز لهذا التمييز:-
1- يختلف الباحثون حول اصل كلمة طاغية, فقد تعود الى الكلمة اليونانية (تيرانوس) وتؤشر حسب افلاطون وارسطو على الحاكم الذي يجمع بين الفساد والشر... وقد تعود الى كلمة فارسية هي توران ويقصد بها نظام الحكم عند الترك وهو نظام قائم على البطش الشديد.
ويلخص امام عبدالفتاح مفهوم الطاغية بانه ذاك الذي يضع ارادته فوق القانون ويخضع البلاد لرغباته وملذاته ولا يخضع للمحاسبة عن نهبه وفساده وبطشه بالعامة 2- المستبد, وهي كلمة يونانية (Despot) وتعني سلطة (الاب السياسي) وقد طور ارسطو هذا المفهوم كمقابل لمفهوم الطاغية وتبعه في ذلك مكافيلي وبودان حيث اسقطوه على عصر ملوك اوروبا مقابل الطغيان الشرقي.
والفرق بين الطاغية والمستبد في ان الاول صورة لسلطة الشر الكاملة وفي ان الثاني قد يكون فاسدا او مستنيرا...
لكن مونتسكيو وماركس وهيغل وفيتفوجل خالفوهم في ذلك واعتبروا الاستبداد كما الطغيان ظاهرة شرقية (الاستبداد والطغيان الاسيوي).
3- الدكتاتور, وهو مصطلح روماني انحرف عن مفهومه الاصلي (سلطات الحاكم خلال فترة طوارئ قصيرة) وصار عنوانا او شكلا جديدا من الاستبداد, ويلاحظ هنا بعيدا عن كتاب امام عبد الفتاح ان الدكتاتورية شكل سياسي لازمة الطبقات المتصارعة, سواء البرجوازية في محطاتها البونابرتيه والفاشية, او في الشعبية, الفردية (ستالين) والانتقالية (دكتاتورية البروليتاريا او العمال)..
4- وإضافة للمقاربات الفكرية السابقة فقد كان الطاغية موضوعا لمقاربات روائية ايضا, مثل خريف البطرك لماركيز والسيد الرئيس للروائي استورياس, ومن الروايات العربية, ترمي بشرر لـ عبده خال من السعودية, وحيث لا تسقط الامطار للصديق امجد ناصر.(العرب اليوم)