الملك .. حين يعود الحاكم المفضل لواشنطن

تم نشره الخميس 26 آب / أغسطس 2021 08:10 مساءً
الملك .. حين يعود الحاكم المفضل لواشنطن
الملك وولي اعهد خلال لقاء بايدن

المدينة نيوز :- بعد قمة واشنطن التي جمعت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأميركي جو بايدن، الشهر الماضي، نشرت صحيفة واشنطن بوست تعليقا يرى "أن ملك الأردن أصبح الحاكم المفضل لواشنطن مرة أخرى".

التعليق الذي نشره ديفيد إغناطيوس جاء بعد نشر البيت الأبيض لصور تظهر الملك وابنه "ولي العهد" بصحبة بايدن مبتسمين فرحين، معتبرة أن هذه الزيارة ستثير الحسد في المنطقة.

بعد عامين من إغلاق البيت الأبيض بوجه الملك في زمن الرئيس السابق ترامب، تحولت الزيارة الرسمية إلى مناسبة للاحتفاء بالملك وولي العهد. والحفاوة لم تقتصر على البيت الأبيض، بل تجلت أيضا باستقبال مختلف من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي للملك.

تنفس الأردن الصعداء بعد الزيارة الملكية لواشنطن، وشعرت عمّان بالراحة، وتوقفت مصادر التهديد بعد سنوات من التوتر والضغط والابتزاز السياسي، كان جلها من الإدارة الأميركية السابقة. وزاد من حالة الاسترخاء الأردنية أن هذه الزيارة جاءت عقب أحداث ما سمي بـ"الفتنة"، والتي دفعت المجتمع الدولي وفي مقدمته واشنطن إلى "مبايعة" جديدة للنظام الأردني بقيادة الملك، وذهب الرئيس بايدن أكثر من ذلك حين قدم رسالة دعم وتعزيز لشرعية ولي العهد، حين نشر صورته وهو يضع يده على كتف الأمير حسين.

في ظلال هذا الاحتفاء الأميركي بالملك، كان العاهل الأردني يستعيد دوره كحليف موثوق وأساسي للولايات المتحدة، ويتحدث كمفوض عن المجموعة العربية، ويأخذ في المقابل تفويضا أميركيا لنزع الألغام من ملفات عديدة في المنطقة.

قبل سفر الملك إلى واشنطن، نشطت عمّان في مشاورات لبناء تفاهمات تبدأ من ملف السلام الفلسطيني - الإسرائيلي المعطل، وتمر في محطة الوضع السوري المتأزم، والحالة اللبنانية التي تقترب من حافة الانفجار، ولا تنتهي بتداعيات التوتر والصراع الإيراني - الخليجي.

الملك الأردني أكثر الزعماء معرفة بالإدارات الأميركية، وربما يكون أكثرهم قربا وفهما للرئيس بايدن وإدارته الجديدة، وفي حديثه مع فريد زكريا في CNN أظهر بوضوح أنه طرح على طاولة الرئيس الأميركي كل الملفات الساخنة، وقدم فيها رأيا ومقاربات بعضها قد يحظى بإعجابه وقبوله، وبعضها الآخر محل اختلاف.

أكثر من رسالة تعمد الملك أن يقولها صراحة في أول حديث له مع شبكة CNN الخصم الرئيسي لترامب، أهمها أن ملف "الفتنة" شأن داخلي، وحتى وهو يؤكد ملاحظة الارتباطات الخارجية، حسم الأمر بأن توجيه الاتهامات للآخرين لن يساعد الأردن، وبهذا فإن العاهل الأردني سعى لتطويق، واحتواء القلق السعودي من تداعيات هذه القضية، التي صنعت شرخا وتوترا.

الرسالة الثانية، أو القضية الثانية، أن لا بديل عن الحوار وإعادة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، والتحذير المهم الذي أطلقه ملخصه "إذا فقد الفلسطينيون الأمل ستكون الحرب التالية أكثر ضررا".

حديث الملك لـ CNN لم ينفصل عن تحركات أردنية لاحقة، سياسية وأمنية، مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي تجاهر بالتأكيد على تحسن العلاقات مع الأردن، وأن التوتر الذي صنعه نتانياهو لا مبرر له.

يدق الأردن دائما الجدران للتذكير بالقضية الفلسطينية، ورغم أنها على رأس أولوياته السياسية فإنه لا يراهن على إحداث اختراقات سياسية كبيرة، وفي الوقت الذي يواصل إسناده للرئيس الفلسطيني أبو مازن، فإن اتصالاته الأمنية لم تنقطع مع قيادة حماس، ويرى أن تواجده الإنساني على أرض غزة صلة وصل تدوم ولا تنقطع.

أكثر الملفات والرسائل إثارة للجدل، الوضع السوري الراهن، والملك لفت الانتباه بطرحه العلني عن إعادة تأهيل النظام السوري، ويتحدث عن مقاربة تغيير سلوك النظام، بعد أن سلم الجميع ببقائه، وهو ما يستلزم خارطة طريق للحوار معه، أملا في تفاهم لخطوات الإصلاح السياسي التي تعيده إلى الحضن العربي أولا، والمجتمع الدولي ثانيا.

مؤتمر دول الجوار الذي سيبدأ في بغداد، وزيارة الملك إلى موسكو، قد تعيدان ترسيم التفاهمات مع نظام بشار الأسد، فرغم أن بغداد نفت دعوة دمشق للمؤتمر، لا يمنع ذلك أن تكون موضوعا أساسيا للنقاش والاتفاق، وبالتأكيد فإن الملك في لقائه مع الرئيس بوتين لم يطرح على طاولة النقاش إعادة تثبيت التفاهمات الأمنية والاستخباراتية في الجنوب السوري، وضمان إبعاد الميليشيات الإيرانية، وحزب الله عن حدود جابر الأردنية - السورية، وإنما شاركه في الموقف والمعلومات التي تراها الإدارة الأميركية في المسألة السورية، والرئيس بشار الأسد.

مقاربة الأردن للعلاقة مع دمشق سياسية وأمنية واقتصادية، والمحسوم أن افتعال أزمة الجنوب السوري، والصراع بين الفيلق الخامس الذي تشرف عليه روسيا، والفيلق الرابع الذي تسيطر عليه ميليشيات إيرانية في درعا، كان خطوة استباقية لوأد قرار الأردن بفتح حدود جابر للبدء بتبادلات تجارية.

ما يقلق الأردن ليس اقتراب ميليشيات مناوئة له من حدوده فقط، وإنما يخشى تجارة المخدرات والسلاح التي تفشت وباتت تشكل خطرا، وأصابع الاتهام لا تعفي أطرافا في "النظام السوري" ضالعة ومتورطة بها.

ليس سرا أن الأردن في مباحثات واشنطن سعى لاستثنائه من العقوبات التي يتضمنها قانون "قيصر"، والإدارة الأميركية تفهمت الأمر، وطلبت التفاهم مع الكونغرس لغض النظر عن الخطوات الأردنية.

يربط الملك في حديثه ومواقفه الملف السوري بالحالة اللبنانية التي يعتقد أنها على وشك الانهيار، والأمل الوحيد دعم الجيش للحفاظ على وحدة لبنان.

لم يعرف إذا كان الأردن قدم تصورا سياسيا للإنقاذ، لكن الواضح أن القيادة اللبنانية مهتمة بالاستماع، وتبدى الأمر بزيارة وزيرة الدفاع اللبنانية زينة عكر ولقائها بالملك، ومن قبل زيارة الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل لعمّان.

لبنان على حافة السقوط والتحول لدولة فاشلة بامتياز، وسيناريوهات الإنقاذ محدودة، وليس منها بالتأكيد النجاح في تشكيل حكومة، لأنها تجربة أثبتت فشلها مرة تلو الأخرى، مها كان اسم الرئيس المكلف.

في عواصم القرار يدور نقاش عن إمكانية إمساك الجيش لأدوار اللعبة والقرار السياسي، وانقلابه على قادة الطوائف، وقدرته على مواجهة حزب الله، وبين الناس من يدعو لتدخل ووصاية أجنبية على لبنان، وخطة مارشال اقتصادية لإنقاذه قبل الانهيار والفوضى.

سيلتقي زعماء دول الجوار في بغداد، والمؤكد أن الملك والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيحضران، فهما الحليف الأقوى للرئيس الكاظمي الذي وصفه العاهل الأردني أمام بايدن "أنه أكثر شخص يساعدنا للسيطرة على الإيرانيين"، ولا يعرف إذا كان الرئيس الإيراني الجديد سيحضر، أو الملك السعودي أو ولي عهده سيتواجدان، أو سيأتي الزعيم التركي إردوغان، إلا أن المؤتمر بحد ذاته مؤشر على استعادة العراق لعافيته، وستخيم على أجوائه محاولات رأب الصدع بين معظم زعمائه، وسيحضر كلام الملك إذا ما صافح الرئيس الإيراني مذكرا "أن الأردن تعرض لهجوم من طائرات مسيرة صناعة إيرانية".

سنوات العزلة السياسية للأردن انتهت، وعمّان غادرت مساحات الظل الدبلوماسي، وهي اليوم "محج" سياسي يجمع المتناقضات، ويسعى لبناء توليفة سياسية تجعله لاعبا لا يمكن تجاهله.

 المصدر : الحرة - نضال منصور 

Nidal Mansour (@CdfjNidal) | Twitterنضال منصور 

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات