إسرائيل توقف تسليم رفات 84 فلسطينياً
المدينة نيوز - أمر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، اليوم الثلاثاء، بوقف تسليم رفات 84 فلسطينياً تحتجزها إسرائيل في مقابر خاصة ووقف المفاوضات الخاصة بإطلاق دفعة جديدة من تلك الرفات كان يجري التباحث حولها وتضم 102 من الأسماء.
وجاء قرار باراك بعد أن كان الناطق الرسمي باسم الجيش قد أكد أنه سيتم نقل الرفات الـ84 إلى الجانب الفلسطيني، بناء على قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وبرر باراك قراره بإلغاء التسليم بأنه جاء بسبب الحاجة لبحث تأثير عملية نقل الرفات على قضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط وصفقة التبادل التي تسعى إسرائيل لعقدها مع حركة حماس من أجل إطلاق سراحه.
وقال رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ إنه لم يتسلم حتى اللحظة أي قرار رسمي بشأن إلغاء الاتفاق بخصوص تسلم 84 من الرفات لشهداء الأرقام الذي تم التوصل إليه مع الجانب الإسرائيلي.( العربية )
وأضاف الشيخ أنه لا يستغرب قرار وزير الدفاع الإسرائيلي بوقف تنفيذ هذا الاتفاق، مؤكداً أن المفاوضات في هذا الجانب كانت على المستوى السياسي وفي وزارة الدفاع الإسرائيلية التي يترأسها باراك ولم يكن لها علاقة بالمفاوضات السياسية أو قضية ملف الجندي الأسير جلعاد شاليط.
وأكد أنه إذا مارست إسرائيل سياسة الابتزاز بشأن أي من الـ84 شهيداً فإن الجانب الفلسطيني "لن يخضع لهذه العملية، وأن الموضوع لن يخضع لأي مساومة، ولن نتنازل عن أي منهم"، موضحاً أن الإعلام الإسرائيلي يعبث في هذا الموضوع.
وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت عن تطور دراماتيكي طرأ على ملف الرفات المحتجزة لدى إسرائيل, وذلك بعد أن سلمت إسرائيل الجانب الفلسطيني قائمة بـ84 اسماً, لفلسطينيين قتلوا في مراحل مختلفة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, وظلت إسرائيل تحتجز رفاتهم.
وقد أكد عصام العاروري مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان الذي يشرف على الحملة الوطنية لاسترداد رفات القتلى والمفقودين، أن هناك مفاوضات مستمرة منذ فترة لاسترداد رفات الشهداء المحتجزة لدى إسرائيل, وأن أهالي المفقودين والرفات المحتجزة لدى مقابر الأرقام يبذلون وبمساعدة مؤسسات حقوقية ورسمية جهوداً مضنية لاستعادة تلك الرفات, وذلك عبر هيئات ومنظمات دولية, كالصليب الأحمر.
كما أكد العاروري أنه كان من المفترض الإعلان عن دفعة جديدة تتكون من 102 من الأسماء لأناس مفقودين أو تحتجز رفاتهم إسرائيل.
وقال إن أي عملية تسليم جماعية لرفات قتلى ومفقودين, ستكون معقدة وتحتاج لعدة أسابيع وحتى أشهر, وذلك للحاجة لإجراء فحوص الحامض النووي على تلك الرفات, وهي فحوص لا تتوافر في الأراضي الفلسطينية, الأمر الذي يستوجب أخذ عينات وفحصها في مختبرات خاصة في الأردن, وذلك للتأكد من هويات أصحاب الرفات.
أهالي المفقودين بين الشك واليقين أحد الواردة أسمائهم في القائمة التي سلمتها إسرائيل للسلطة الفلسطينية هو أنيس شكري خليل, وتقول أم أنيس التي التقتها "العربية.نت", إنها عاشت 20 عاماً من التوتر والشك, ففي كل مرة كانت تترسخ لديها القناعة بأن ابنها أنيس قد قتل على يد الاحتلال, وصعدت روحه إلى بارئها, كانت تصلها إشاعة ما انه لم يمت, وهو محتجز في سجن سري في إسرائيل, وهكذا ظلت تعيش هواجس مؤلمة, إلى أن اتصلت جهات رسمية من السلطة الفلسطينية بها, وأبلغتها أنها ستتسلم في القريب العاجل رفات ابنها، وهو الامر الذي أفرحها كثيراً, إذ ستتمكن الآن دفنه وفق الأصول والشريعة, بما يحفظ كرامته كإنسان, وستتمكن من زيارة قبره يوميا والاعتناء به.
وقد كان أنيس الذي يسكن قرية عين عريك القريبة من مدينة رام الله, احد نشطاء الانتفاضة الفلسطينية الأولى, وكان له صديق من نفس القرية واسمه رمزي شاهين, ومع ان انيس مسلم ورمزي مسيحي, الا انهما ارتبطا منذ الصغر بصداقة, شاء القدر ان تستمر حتى في القبر. فأنيس ورمزي قررا الفرار في عام 1990 من ملاحقة الاحتلال لهما الى تونس أو الجزائر, ليلتحقا بمنظمة التحرير الفلسطينية, وفقدت أثارهم في صحراء النقب على الحدود مع مصر, حيث ظلت الإشاعات تلف مصيرهما طوال 20 عاماً الماضية.
وقد اصطحبتنا ام انيس الى بيت صديقه رمزي, حيث التقينا بوالده وأمه, وقد عبرا عن ذات الشعور بالفرحة والسعادة المعجونة بالألم.
يقول جمال شاهين, والد رمزي, تلقيت خبر ورود اسم ابني رمزي على قائمة الرفات التي تنوي إسرائيل تسليمها بحزن كبير, فقد شعرت وكأنه يستشهد هذا اليوم, لقد بكيت كثيراً عليه طوال 20 عاماً الماضية, واليوم جفت الدموع, وأنا أفكر اليوم, كيف سنستقبل جثمان رمزي وكيف سنصطحبه الى الكنيسة للصلاة عليه.
وقد أثار خبر تراجع إسرائيل عن تسليم الجثامين لذويها استياءً واسعاً من قبل الأهالي, الذين كانوا يتحضرون لاستقبال الجثامين وتأبينها ودفنها وفق الأصول الدينية.
مقابر الأرقام الإسرائيلية وتحتفظ إسرائيل بأربعة مقابر خاصة بالضحايا الفلسطينيين والعرب, استبدلت شواهد القبور فيها بأرقام, لذلك يطلق عليها الفلسطينيون اسم مقابر الأرقام, وهي تقع في مناطق عسكرية مغلقة في منطقة غور نهر الأردن, وتحتوي هذه المقابر على أعداد غير معروفة من القتلى العرب والفلسطينيين الذين سقطوا في معارك وعمليات مختلفة ضد إسرائيل, منها قبور قديمة جداً تعود الى خمسينات القرن الماضي. ودأبت إسرائيل عادة على استخدام جثث الضحايا المحتجة لديها في عمليات تبادل الأسرى, او لتحقيق مكاسب سياسية مختلفة.
ولمتابعة ملف المفقودين او الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى إسرائيل أنشئت جهات فلسطينية ما بات يعرف بالحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين, ويشرف على الحملة مركز القدس للمساعدات القانونية وحقوق الإنسان, حيث يعمل المركز على توفير مساعدات قانونية ومحامين مختصين لذوي المفقودين, من اجل مساعدتهم على ملاحقة السلطات الإسرائيلية قضائياً وقانونياً, ومن اجل حشد وتوحيد الجهود الدولية للضغط على إسرائيل للكشف عن مصير المفقودين وإطلاق سراح جثامين الشهداء.
وقد تمكن المركز منذ إعلان انطلاق الحملة عام 2008 من إحصاء وتوثيق 334 حالة, إما استشهدوا أو يصنفون في عداد المفقودين, حيث يصل عدد أولئك الذين يعتبرهم ذووهم أنهم قتلوا وتحتجز اسرائيل رفاتهم الى 280 حالة, اما المفقودون ومجهولو المصير وتدور شكوك عن ان إسرائيل مسؤولة عنهم فهم 54 شخصاً.
ومع أن هناك العشرات من المفقودين العرب او الضحايا الذين تحتجز إسرائيل رفاتهم الا انه لم يجري توثيق أسمائهم وحالاتهم حتى الآن, وذلك لغياب المصادر الأولية لتلك الحالات وغياب الشهود, أو بسبب اليأس وعدم الاكتراث والمتابعة.(العربية)
