«الهاكرز» مجاهدون افتراضيون يسجلون انتصارات على الشبكة... مغاربة يتبرعون بمنحهم الدراسية
المدينة نيوز- حراك سياسي عارم يسود أوساط الشباب المغربي الذي يتهم باعتزال السياسة والانغماس في سطحيات الحياة اليومية والانكفاء على الذات.
فقد شكل الشباب المغاربة عصب التظاهرات المليونية المناصرة لغزة والغاضبة على العدو الإسرائيلي. ولا تزال الساحات الجامعية والتعليمية والشوارع الرئيسة في كل المدن المغربية تغلي إلى الآن بالغضب الشبابي المتزايد على استمرار المجازر الإسرائيلية.
«لا يمكن إلا أن نتكلم غزة، ونفكر غزة، ونسير غزة، ونصير غزة»، تصرخ سناء مسترسلة بغضبها، وهي طالبة سنة ثانية حقوق في «جامعة محمد الخامس» في الرباط. حولت سناء منحتها الشهرية على الحساب المصرفي المفتوح لدعم غزة منذ أسابيع. مئات الطلبة تبرعوا بمصروفهم اليومي.
«أخي التلميذ ذو السنوات السبع جمع ما وفره في حصالته وأعطاه لأبي لكي يشتري به الأدوية اللازمة لإغاثة جرحى العدوان الصهيوني، وهذا ما فعله أقرانه في المدرسة»، تقول سناء وتعابير التقصير بادية على محياها.
تبلورت أشكال التضامن مع غزة بمرور الوقت. الحسن، زميل سناء، يقول إن المسيرات الطالبية داخل الجامعة وخارجها لن تتوقف طالما أن العدوان مستمر، لكن «الطلبة العاجزين عن فعل شيء ملموس للتضامن مع الفلسطينيين، عدا الاحتجاج، تحولوا إلى استثمار إمكاناتهم المحدودة مادياً، وتشغيل مؤهلاتهم الفكرية والعلمية لتصريف فعلهم لنصرة غزة على نحو أكثر فاعلية». الحسن كان يقصد الحراك الإلكتروني على شبكة الإنترنت الذي أهّل الشباب المغربي لخوض غمار الحرب في ساحة الحرب الوحيدة التي تمكنهم من مجابهة العدو الإسرائيلي، و«الانتقام لأهل غزة منه والثأر لكرامة الشعوب العربية المغلوبة على أمرها». ويوضح الحسن كلامه، ويكشف عن مشروعه العاجل لتعلم تقنيات الأنظمة المعلوماتية كي يصير مقاتلاً افتراضياً شرساً على الشبكة.
الحرب الافتراضية الجارية على شبكة الإنترنت في موازاة الحرب الميدانية ضد قطاع غزة تستقطب المزيد من المقاتلين المغاربة الشباب. ويسجل الهاكرز المغاربة انتصارات متوالية ضد العدو تتحدث عنها وسائل الإعلام العربية والإسرائلية والمواقع الإلكترونية والبلوغات. مئات المواقع الحكومية وغير الحكومية والإعلامية تم اختراقها والتلاعب ببياناتها وتدميرها أو بث بيانات مناصرة لغزة فيها. «إنهم المجاهدون الجدد» على امتداد العالم العربي يردون حرب التضليل النفسية والإعلامية والإلكترونية لجيش الاحتلال»، يقول إعلامي شاب يشتغل في مؤسسة خاصة لتعليم تكنولوجيا المعلومات.
أشهر هؤلاء المجاهدين الافتراضيين يطلقون على أنفسهم اسم «فريق جهنم» (Team Evil)، أعلنوا في بيان لهم أنهم تمكنوا من اختراق مجموعة من المواقع الإلكترونية الحيوية في إسرائيل، مثل وزارات الداخلية والأمن والمالية وموقع رئيس الحكومة الإسرائلية «إيهود أولمرت»... وقالوا في بيانهم إنهم سيعاودون الكرة لتدميرها بالكامل بعدما استرجعت الســيطرة عليها، تاركين رسالة بعد مرورهم المدمر تقول: «نــحن فريق جهنم، هاكرز مغاربة، كل فلسطيني يقتل سندمر انتقامًا له موقعًا إسرائيليًا، نحن نهاجم المواقع الإسرائيلية كل يوم، هذا واجبنا، تــدمير الــمواقع ليــس جــريمة، أوقفوا قتل الأطفال، نوقف تدمير مواقعكم».
وبدأ الفريق «الجهنمي» عملياته التدميرية العام 2004، مهاجماً المواقع الأميركية وكبريات الشركات التجارية ذات العلامة الأميركية ثم شاركوا في الحرب اللبنانية صيف 2006، ودمروا مئات المواقع الإسرائيلية.
ولم تقتصر الحرب الإلكترونية على خبراء الجنود الافتراضيين، فالشباب الذين يملكون خبرة تقنية بسيطة يحاولون قدر الإمكان إخبار العالم بأنهم إلى جانب غزة. أرسلت مريم الطالبة بثانوية في العاصمة صور تظاهرات شاركت فيها مع رفاقها إلى موقع بانوراما بانيت الإلكتروني، ومحمد التلميذ في احدى إعداديات مدينة طنجة أرسل صوراً التقطها بنفسه من ساحة المدرسة إلى موقع إخباري محلي.
كثيرون من الشباب استفادوا من كاميرات هواتفهم النقالة أو استعاروها ليوثقوا وقفتهم التضامنية، ولم يهتموا لجودة الصور كما لم يهتم لأمرها الناشرون. غلبت التلقائية والمبادرة لدعم أهل غزة هاجس احترام معايير الحرفية في هذا الظرف المؤلم من حياة الــشعب الفلــسطيني والــعربي.
آخرون أكثر خبرة، خصصوا مواقعهم للقضية الفلسطينية واستغلوا شبكة العلاقات على الإنترنت لتطعيمها بالأخبار والتعليقات وردود الأفعال والتطورات في غزة والعالم. وبعضهم أطلق حديثاً موقعاً إلكترونياً متخصصاً في الدفاع عن القدس وتاريخها، ومناهضة التطبيع بين الكيان الصهيوني والمغاربة. وسمّت لجنة الشباب من أجل القدس المنضوية في المركز الإعلامي للشباب المغربي موقعها بـ «معراج المغاربة» او «فلسطين بعيون مغربية».
ويقدم الموقع نفسه على أنه «يفتح ساحة للشباب الفلسطيني أمام الشباب المغربي لتبادل الأفكار والاقتراحات والمشاكل والهموم التي يشترك فيها الجيلان»، وهدفه بناء مجتمع «مقاوم فكرياً وثقافياً ووجدانياً، واعياً قضاياه المركزية، وواجباته اتجاه قضاياهم فلسطينية .
