مؤتمر بناء سردية وطنية لتاريخ فلسطين والمنطقة يواصل جلساته

المدينة نيوز :- تواصلت اليوم الجمعة ولليوم الثاني، فعاليات مؤتمر "توجهات جديدة نحو بناء سردية وطنية لتاريخ فلسطين والمنطقة"، الذي تنظمه وزارة الثقافة الفلسطينية في فندق اللاند مارك بعمان.
وحملت الجلسة الأولى عنوان "الفترات الإسلامية ومؤرخوها"، وأدارتها الدكتورة خولة النوباني، وشارك بها كل من رئيس قسم العلوم الإسلامية في جامعة بيت لحم عمر عبد ربه، والباحث في المؤسسة الفلسطينية لدراسة المشهد الحضاري جمال برغوث، والباحث في تاريخ الحضارات والأديان والجغرافيا السياسية، الدكتور أحمد الشريدة، والمهندس المتخصص في الحفاظ على التراث الثقافي في فلسطين أسامة حمدان.
وفي ورقته النقاشية "توجهات جديدة في دراسة تاريخ فلسطين العربي الإسلامي"، أشار عمر عبد ربه إلى أن "على الباحثين رسم تصورات وتوجهات جديدة في كتابة تاريخ فلسطين، واتباع أسلوب ومنهجية متعددة الاتجاهات والتخصصات في دراسة تاريخ فلسطين وكتابته، ليس فقط في تاريخ فلسطين في الفترات الإسلامية المتعددة، وإنما في كل فترات التاريخ القديمة والحديثة والمعاصرة".
وقال الباحث جمال برغوث في ورقته النقاشية "سردية البداوة المتخيلة في النقب من القرن الأول ق. م إلى القرن السابع م"، ان "البداوة المتخيلة هي السردية التي أنتجها المركز المعرفي الأورأميركي، عبر دراسات متعددة الحقول، على مدار القرنين الماضيين. وتركز هذه السردية على الثنائيات المزدوجة، وأهمها، ثنائية البداوة والفلاحة، وثنائية البداوة والتحضر، وهذه الثنائيات ترسخت أكثر بعد صعود مصطلح الثورة النيوزراعية، المؤرخة إلى الألف السابع قبل تقويمنا الحاضر، والذي كرس فكرة التجاذب على الحيز والمصادر الحيوية الكامنة فيه، بين الجماعات المرتحلة (البداوة) والجماعات المستقرة (الفلاحة والتمدن)".
وفي ورقته النقاشية "موقع جسر الشيخ حسين: دراسة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين شمال الأردن وشمال فلسطين"، تناول الدكتور أحمد الشريدة موقع جسر الشيخ حسين على نهر الأردن من حيث التاريخ الجغرافي للجسر والتراث المعماري عبر العصور، حيث كان المنظر الجيولوجي الذي جعل منه مسلكا إجباريا في كلا الاتجاهين، بحيث تبرز منطقة مرج ابن عامر ومنطقة الجليل وعلاقتها الجيوسياسية بمدن وقرى شمال الأردن وشمال فلسطين من خلال البحث الأثري والتاريخ الاجتماعي". وخلص الشريدة إلى أن الجسر كان مركزا للاتصال ونقطة عبور على مر العصور التاريخية، لأنه يتخذ موقعا مركزيا متوسطا بكافة الاتجاهات والمعارف الجغرافية.
وفي ورقته النقاشية "وحدة طبقات الجدران للتراث العمراني الفلسطيني"، أكد أسامة حمدان أن "فلسطين غنية بالتراث المعماري، سواء في المناطق الحضرية أو في القرى، وهو ذو خصائص واستخدامات ومواد وتقنيات مختلفة"، مبينا أن "العديد من المباني هي تراكمات لمراحل تاريخية مختلفة وحضارات متعاقبة، ولا تنتمي إلى فترة تاريخية واحدة".
وحملت الجلسة الثانية عنوان "تنمية التراث والمحافظة عليه"، وأدارها الدكتور سلمان البدور، وشارك بها كل من مدير مركز الباسل للبحث العلمي والتدريب الأثري في سوريا الدكتور أحمد ديب، ورئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس، الروائي احمد رفيق عوض، والمستشار الأثري في مجلس مقاطعة أغدر جنوب النرويج، الدكتور غطاس صايج، والكاتب المتخصص في التوعية العامة في بيت لحم مجدي الشوملي.
وفي ورقته النقاشية "حماية التراث الثقافي في الأزمات"، عرج الدكتور أحمد ديب على "الجهود التي بذلتها المديرية العامة الأثار والمتاحف في سوريا، للحد من تأثير الأزمة الراهنة على الآثار، وكانت خطتها الأولى والملحة حماية المتاحف"، فيما عرض ديب فيلما قصيرا عن الآثار التي طالت الآثار السورية وتجربة حماية تلك الآثار.
وفي ورقته النقاشية "الحفاظ على الموروث الثقافي تحت الاحتلال"، قال الروائي أحمد رفيق عوض: "عادة ما ينتهك المحتل الموروث الثقافي للجماعة التي يقع عليها فعل الاحتلال، أو يدعيه لنفسه، أو يطمسه، فالمحتل يميل إلى مصادرة ثقافة الشعب المحتل، وهو أمر رأيناه في كل الاحتلالات على مر العصور".
ورأى أن "موروثنا الثقافي يتعلق بأحقيتنا بالحرية على تراب وطننا، وأن هذا الموروث يتمثل ويتجسد في روايتنا عن أنفسنا داخل المكان وتاريخه. موروثنا الثقافي هو إيماننا الأبدي والنهائي أننا أصحاب هذا المكان، شاء من شاء وأبى من أبى".
وفي ورقته النقاشية "الإرث الحضاري في فلسطين: أداة في الصراع السياسي وضحية للجهل" التي قدمها عبر تقنية (زووم)، أكد الدكتور غطاس صايج ضرورة "أن يكون التركيز على نشر الوعي بين الفلسطينيين وإشراك الجمهور ووسائل الإعلام في حماية تراثهم الثقافي وصونه من خلال حملات توعية طويلة المدى تبدأ من رياض الأطفال إلى المدارس والجامعات، وتنتهي بين السياسيين"، مشيرا الى أنه "يمكننا إدخال موضوع التراث الثقافي في الحياة اليومية للسكان، وعندما نصل إلى هذا المستوى، فقد يتضاءل النهب ويمكن استعادة الثروة الوطنية".
وفي ورقته النقاشية "نحو صياغة استراتيجية توعية عامة للأطفال واليافعين بالتاريخ الفلسطيني"، أكد الكاتب مجدي الشوملي أن "الشعب الفلسطيني لم ينقطع عن أرضه منذ آلاف السنين، رغم الغزوات والاحتلالات المستمرة وآخرها الغزو الصهيوني. فلسطين كتاريخ وجغرافيا وتراث ولهجة وعادات وتقاليد، إنما هي وضع طبيعي يصل الشرق بالغرب والشمال بالجنوب. المكتشفات الآثارية والتراث واللغة وحدة واحدة منسجمة. زُيِّف تاريخ فلسطين لأغراض احتلالية، وما يزال التزييف مستمرا".
وحملت الجلسة الثالثة عنوان "التراث الشعبي والعادات والأمثال والحكايات: إنثوغرافيا فلسطين والأردن"، وأدارها الدكتور أحمد نوفل، وشارك بها كل من استاذ السياحة والتراث الثقافي والآثار في الجامعة الهاشمية الدكتور محمد وهيب، ورئيس جمعية أصدقاء التراث الأردنية، طارق بني ياسين، ومؤسس ومدير متاحف يبوس متحف العايدي، ومنسق العلاقات الدولية في متاحف يبوس فالنتين ماتيودا، وأستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت الدكتور سليم تماري، والمحاضرة في معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر في بريطانيا الكاتبة غادة الكرمي.
وفي ورقتهما النقاشية المشتركة، بعنوان "التراث اللامادي المشترك بين ضفتي نهر الأردن (الحكايات الشعبية)"، أكد الباحثان الدكتور محمد وهيب وطارق بني ياسين أن "التراث الشفوي في منطقة نهر الأردن ومحيطها يعد شكلا تعبيريا شائعا بشكل واسع، وتتوافر فيه ملامح الانتماء للبيئة المحلية، وما يزال يتردد على لسان مجتمع محافظ على تراثه الثقافي التقليدي، حيث تتعدد أشكال التراث الشعبي في المجتمع الحضري بشكل واضح في بيئة المنطقة لأسباب تاريخية وتراثية تتعلق بأسلوب حياة المجتمعات في منطقة ذيبان". وتتكون هذه الأشكال من الحكايات الشعبية، والأمثال، والتعابير الشعبية، والفنون، وغيرها من الآداب التراثية، وتتصف الحكاية الشعبية في الوسط الشعبي من خلال الراوي بالمصداقية والابتعاد عن الخرافة، وتنتقل بين السكان بسهولة ويسر، الأمر الذي جعل توثيقها وحفظها مطلبا متناهيا لدى شرائح عديدة من مجتمع الدولتين (الفلسطينية والأردنية)". واتفق الباحثان على ضرورة "إخراج الحكايات الشعبية الشفوية إلى حيز الوجود، بالتعاون والتنسيق ما بين المؤسسات العلمية والمؤسسات الحكومية، والباحثين المتخصصين بالتراث والدراسات الثقافية، وأصحاب الخبرة والكفاءة في هذا المجال؛ لما فيه حماية وصون لتراث المنطقة.
وفي ورقتهما النقاشية المشتركة بعنوان "متاحف يبوس وإنشاء مدرسة المتاحف الفلسطينية في باريس"، بين الباحثان متحف العايدي وفالنتين ماتيودا أن "لدينا الطموح لإنشاء (مدرسة علم المتاحف الفلسطيني) في باريس، بحيث تصبح مركزا نظريا مكرسا لتطوير ومشاركة مفهوم (علم المتاحف الفلسطيني) مع باحثين فلسطينيين ودوليين؛ ومركزا عمليا أيضا للباحثين والطلاب الفلسطينيين وللمسؤولين عن المتاحف والمشتغلين فيها، وفي المجموعات الإثنوغرافية الفلسطينية حول العالم. والهدف الرئيس من (مدرسة علم المتاحف الفلسطيني)، هو وضع معايير متحفية موحدة وأساليب تطوير خاصة بالمتاحف والمجموعات الاثنوغرافية الفلسطينية الخاصة. ونعتقد أن هذه المعايير المشتركة تمثل حاجة رئيسة، وستساعد بشكل كبير في صعود التراث والهوية الفلسطينية على الصعيدين الوطني والدولي".
وفي ورقته النقاشية التي قدمها عبر تقنية (زووم) بعنوان "علم الأثار التوراتي والصراع على أراضي تل الجزر/ أبو شوشة"، قال الدكتور سليم تماري: "تل الجزر، موقع أثري في مشارف قرية أبو شوشة المدمرة عام 1948، والتي تقع في مكان استراتيجي بين القدس والرملة ويافا. كانت مدينة كنعانية مسورة، ازدهرت كموقع استراتيجي في الألفية الثانية قبل الميلاد. جاء ذكرها في رسائل العمارنة كمدينة دانت بالولاء لفراعنة مصر. تكمن أهميتها في السيطرة على طرق التجارة الساحلية بحكم موقعها؛ إذ ربطت خطوط التجارة بين مصر وسوريا وبلاد الرافدين. وورد تخطيط تل الجزر في خرائط جاكوتان 1790 وفي خريطة غرب فلسطين لمجموعة صندوق استكشاف فلسطين، تجمع هذه الخرائط بين الدقة العلمية واستخدام أسماء المواقع المحلية. ولا شك أنها كانت مخططة لتعزيز المعرفة الفنية لتضاريس فلسطين في إطار معرفي توراتي استخدم لأهداف عسكرية بريطانية في صراعها مع الدولة العثمانية".
وفي ورقتها النقاشية بعنوان "دور كتابة المذكرات الشخصية في تسجيل تاريخ فلسطين"، قالت الكاتبة غادة الكرمي: "في البحث عن تاريخ فلسطين كما يُرى من وجهة النظر الفلسطينية، ربما لا يوجد شيء أكثر أصالة من المذكرات والسيرة الذاتية والمذكرات الشخصية. لم يشع هذا النوع من كتابة التاريخ عند العرب أبدا، مثل الروايات التقليدية عن المعارك العظيمة والرجال العظماء. لكنه ذو أهمية قصوى بالنسبة للفلسطينيين، الذين واجه تاريخهم هجوما لا هوادة فيه من عدو عازم على محوه. لكن لحسن الحظ، لدينا بعض المذكرات الفلسطينية التي تؤرخ لأحداث زمانهم، وقد أصبحت ذات قيمة هائلة حيث يكافح الفلسطينيون ضد الروايات الصهيونية التي تهدف إلى دفن الحقائق".
واختتمت فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر بالجلسة الرابعة التي أدارها البروفيسور نجيب أبو كركي، وقدم فيها الباحث والمؤرخ خزعل الماجدي، محاضرة بعنوان "مراجعة تاريخية لسكان وثقافات فلسطين القديمة: من أجل سردية فلسطينية علمية"، قدم فيها رؤيته للديانات وللثقافات التي مرت على أرض فلسطين، موثقا مرورها بأدلة علمية عارضا ما توصل إليه من أبحاث في الحضارات التي مرت على أرض فلسطين".
وتختتم يوم غد السبت، فعاليات مؤتمر "توجهات جديدة نحو بناء سردية وطنية لتاريخ فلسطين والمنطقة"، بعقد أربع جلسات نقاشية بمشاركة باحثين ومختصين أردنيين وعرب".
--(بترا)