من يريد اقصاء الاخر

المتتبع والراصد لسياسة الحراك ( المسيرات والاعتصامات) في المملكة يلحظ وبشكل جلي ان الحراك كان يطرح قضايا معيشية تتعلق بالقضاء على بؤر الفقر والبطالة وضبط انفلات الاسعار وزيادة الرواتب ومحاربة الفساد حتى دخلت الماكنة السياسية ذات الاجندات الخاصة الى صفوف هولاء الانقياء والعفويين وباتت البوصلة تنحرف عن مسارها وبدأ سقف المطالب يرتفع بشكل تدريجي الى ان وصل على حد تعبير بعضهم - الشعب يريد استرداد السطلة المسلوبة - وكأننا في المملكة نعيش تحت عصا الاحتلال على غرار مايجري في العراق وفلسطين وان المعتقلات تعج بسجناء الرأي والمتشدقين بالديمقراطية 0
الكل متفهم لمطالب المواطنين المشروعة وعلى الحكومة ان تصغي وتنفذ هذا المطالب وتترجمها الى واقع ملموس قدر الامكان كون هذه المطالب تشكل العمود الفقري لمنظومة الامن الاجتماعي لكن ادلجة هذ المعطيات تحت غطاء سياسي اود ديني بهدف خلط الاورواق وقلب الحقائق وتهديد الاستقرار وفقدان الدولة لهيبتها او الخروج على الشرعية الدستورية يصبح امرا غير مقبول ويتحول عندها الحوار من سلمي الى غوغائي لايفضي الى نتائج ملموسة 0
ان كل من يحاول نقل العدوى بمايسمى الربيع العربي الى الاردن بشكل صريح اوضمني مخطىء في قرارة نفسه ويحاول ركوب الموجة دون ان يعي تداعياتها على بلد كان ومازال يجمع ولايفرق فشرعية المملكة الدينية والتنوع الديمغرافي ومظلة الوطن المؤسسة العسكرية والطبيعة الجيو سياسية كلها عوامل اكسبت البلاد المزيد من المنعة والقوة وقطعت الطريق على كل من تسول له نفسه ان الدولة الاردنية تعيش حالة وهن وانه يجب التقاط اللحظة التاريخية لتحقيق المارب الشخصية ولو على حساب الوطن والغريب في الامر ان بعض الجهات التي تحاول التسلق على ظهور الاغلبية الصامتة هم من استفادوا من الاعطيات والهبات والاعفاءات الجمركية ودرسوا ابنائهم بالخارج وتشرفوا بالجلوس مع جلالة الملك 0
وومما يجدر ذكرة ان التجاوب الرسمي والتعاطي مع مختلف الافكار الصادقة او الجارحة والحادة منها والتغاضي عن بعض من يتطاولون على رموز الدولة لايعني عدة قدرة السلطات على محاسبتهم ولكن الحكمة والعقلانية تقتضي استيعاب مثل هذه العينات وتركهم للشارع القادر على الفرز والتميز بين الغث والسمين 0
من يريد اقصاء الاخر الطرف الذي يدعو للاحتكام الى طاولة الحوار ام الطرف الذي يدعو الى اسقاط الحكومة ومجلس النواب وهنا يبرز التساؤل لمصلحة من سيكون الفراغ السياسي في مثل هذه الحالة 0
اعتقد ان صيغة الدولة المدنية هي صمام الامان للتقريب بين وجهات النظر والرؤى المختلفة شريطة ان تتخلص جميع الاطراف من ترسبات الماضي وخلع عباءة الشلليات والمحسوبيات وان يكون معيار المفاضلة هو سيادة القانون فوق الجميع0