الاستقلال الإداري للنقابة والأحكام العُرفية

غاية نبيلة مشروعة جمعت المعلمين على هدف واحد - ولأول مرة منذ أكثر من خمسة عقود - تكون جامعة لهم وتُـعبر عن إرادتهم وطموحاتهم , إنها النقابة التي ستتحدث بلسان حالهم كفكر جمعي لهذه الفئة من المجتمع الأردني .. لقد وصلوا إلى هذه الحالة من الرغبة المصحوبة بالإرادة القوية – التي ناضلوا وضحوا من أجلها – من قراءتـِهم لما حولهم من حال المجتمع الأردني الذي وصل إليه , من الحرمان من أبسط حقوقه المدنية , بأن يعيش حياة كريمة ذات كفاية في جميع جوانبها مقروناً بحرمانه من حرية التعبير عن رأيه فيما يدور حوله من أمور وطنه وأمته.!
لقد ناضل المعلم عندما وصلت الأمور إلى إيمانه بأن مستقبل هذا الوطن ومستقبل هذا الشعب ينقادُ إلى غير ما يؤمن به , نعم وطنه مهدد بالفقدان , فقد بيعت مقدراته ومؤسساته من خلال برنامج صهيوني , له منفذيه وبطريقة ممنهجه بافتعال الأسباب والمسببات وأهمها تغييب الرأي والقرار الجمعي الأردني من أن يقول كلمته الرافضة لهذا النهج الممارس بطرق مختلفة , ومن أهمها تهميش المعلم وإبعاده عن القيام بدوره الطبيعي في مجتمعه بأن يكون لهم كيان يمثلهم وينطُق بإرادتهم .!
يريدون إبعاده عن أهم مفصل في هذه المخططات , وهي سياسة وزارة التربية والتعليم من مناهج وتشريعات وبرامج وأنظمة تؤدي إلى إنتاج إنسان أردني مغيب عن كيانه كأرض وهوية , غير مرتبط بعمقه العربي وإرثه الحضاري الإسلامي , والتي جميعها تؤدي إلى إقصاء وطن كامل من الخريطة الذهنية للفرد الأردني من المشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي الذي يحافظ على كيان الوطن وهويته.!!
لقد أدخلت الحكومة في قانون نقابة المعلمين وبشكل متعمد - للمحافظة على تهميش إرادة وفكر المعلمين الجمعي – الفقرة (ج) من المادة (16) والتي تنص على ": إذا حالت ظروف استثنائية يقتنع بها الوزير دون انعقاد الاجتماع السنوي العادي للهيئة المركزية الذي يجري فيه انتخاب النقيب ونائبه وأعضاء المجلس فيستمر المجلس المنتهية مدته بممارسة مهامه وتستمر اللجان المختصة بممارسة صلاحياتها وتعتمد الموازنة السابقة أساساً للنفقات إلى أن تزول تلك الظروف : "
ولنسأل بداية ما هي الظروف الاستثنائية التي لم تـُحدد في النص , والخاضعة لقناعة الوزير المرتبطة بمخططات ومصالح صهيونية وليس لقناعة الوطن , أو قناعة الفكر الجمعي للمعلمين..!!!
لقد أطلقنا على قانون نقابة المعلمين عند صدوره بأنه أحكام عرفية ضد المعلمين , ونعلم أن الحُـكم العُرفي يستند إلى الظرف الاستثنائي المطابق لمزاج المسئول , ويمنع الطرف الآخر من التعبير عن رأيه بكل حرية , وممارسته للفكر الجمعي أو الفردي بكل عدالة , ولأن المعلمين ارتضوا لأنفسهم النقابة ككيان جامع لهم تعبر عن رأيهم وتنطق بإرادتهم وتدافع عن حقوقهم ومكتسباتهم, وبالتالي فإن هذا النص في القانون هو الحاجز , بل المانع لممارسة النقابة المهنية لدورها الطبيعي باتجاه المعلم كقائم على المهنة , أو باتجاه الطالب الذي تُمارس عليه المهنة , أو المجتمع الذي ينتظر المخرجات كإنسان .
إنها السطوة الاستبدادية , وممارسة العُـرفية على المعلمين , وقد يسأل البعض لماذا..؟؟
نقول وبكل بساطة إذا كان مجلس النقابة مُتحالف مع الوزارة في تحجيم دور النقابة المهني وإبعادها عن المخططات والنوايا المبيتة باتجاه المعلمين أو باتجاه مخططات أكبر تمس الوطن والشعب التي قد تُفقدنا مع مرور الوقت الوطن كوحدة جغرافية والشعب الأردني كهوية , فإن مزاجية النهج العُـرفي والتهميش المُمنهج ستمنع إرادة المعلمين من التعبير عن رأيهم وإرادتهم في التغيير الذي يرونه مناسباً للمحافظة على دور النقابة المهني والوطني .
المعلمين جزء من الكتلة البشرية المهمشه والمُبعدة عن صنع القرار السياسي والاقتصادي , يريدون إبقائه بعيداً عن ممارسة دوره الوطني في الحفاظ على الوطن ومقدراته وهويته .