قراءة في الميزان التجاري

إذا صح أن هناك ركوداً أو تباطؤاً اقتصادياً، فلماذا ترتفع الصادرات خلال الشهور الخمسة الأولى من هذه السنة بنسبة 4ر16% عما كانت عليه في نفس الفترة من السنة الماضية؟ ولماذا ترتفع المستوردات بنسبة 5ر22% في الوقت ذاته.
قد يكون جزء من هذا النمو بالمقياس النقدي ناشئاً عن ارتفاع أسعار البوتاس والفوسفات في جانب الصادرات، وارتفاع أسعار البترول في جانب المستوردات، ولكن هذه العناصر لا تشكل نسبة كبيرة من إجمالي التبادل التجاري، ويظل هناك نمو كبير بالمقياس الكمي.
هذا التضخم في حجم التبادل التجاري يمكن النظر إليه سلبياً من وجهة نظر الحساب الجاري لميزان المدفوعات، فقد أسهم برفع العجز في هذا الحساب الحيوي بشكل ملموس. ولكن يمكن النظر إليه إيجابياً من حيث أنه يؤشر إلى نمو في النشاط الاقتصادي كما يقيسه التصدير، وتحسن في مستوى المعيشة كما يقيسها الاستيراد.
فيما عدا الزيادة الناشئة عن ارتفاع الأسعار، فإن زيادة المستوردات جاءت لتلبية الطلب الاستثماري، آلات ومعدات ومواد خام وما إلى ذلك، وتلبية الطلب الاستهلاكي الناتج عن تحسن الدخول وزيادة الثقة العامة بالاستقرار، مما خفّض درجة التحفظ لدى المستثمرين والمستهلكين على السواء.
ليس لدينا لحسن الحظ سياسة تجارية، ولا تحاول الحكومة أن تؤثر إيجاباً أو سلباً على حركة الاستيراد والتصدير، فهي مطالبة بتسهيل الإجراءات وتطبيق القوانين والأنظمة، دون محاولة التدخل المباشر، اكتفاء بالحوافز مثل الضرائب على المستوردات والإعفاءات على الصادرات.
في المحصلة ارتفع العجز في الميزان التجاري خلال الشهور الخمسة الأولى من هذه السنة بنسبة 3ر27%، وهي نسبة كبيرة، ولكنها قد لا تثير القلق طالما أن وضع ميزان المدفوعات صحي، فهناك خدمات تحقق فائضاً، وهناك حوالات المغتربين، فضلاً عن المنح والمساعدات الخارجية التي ترد إلى الخزينة أو لتمويل مشاريع وأهداف معينة.
في الوضع الاقتصادي ليس هناك ما يثير القلق ويتطلب التدخل الحاسم سوى العجز المتفاقم في الموازنة العامة، وما يعنيه من ارتفاع المديونية فوق المستويات الآمنة.(الرأي)