جمعة كسر الاتجاه

تذكروا هذه الجمعة التي وافقت 22 من شهر تموز من عام الثورات العربية. ففي هذه الجمعة التي شهدتها عمان بعد صلاة الظهر وخرجت فيها مسيرة شعبية من اليساريين والوطنيين والديمقراطيين المستقلين وحزب الوحدة الشعبية تم كسر الاتجاه الذي اراده البعض عنوانا للثورات العربية..
ذلك انه منذ اندلاع الثورة الشعبية في تونس مرورا بميدان التحرير في القاهرة والميادين العربية الاخرى, اختفى العلم الامريكي من الشوارع العربية بعد ان كان الهدف الدائم للاحتجاجات الشعبية بل رأيناه في بنغازي وفي مسيرة لجماعة 14 اذار يرفرف الى جانب العلم السنوسي واللبناني..
ولم يكن غريبا على عمان ومسيراتها ان تكسر اتجاه تلك الجمعة وتقوم مجموعة من الشباب باستعادة التقاليد القديمة ضد العلم الامريكي وهم يهتفون (امريكا راس الحية) ففي عمان سقط حلف بغداد قبل ان يسقط في اي عاصمة وعلى مسافة من تلال عمان في غور الكرامة سقط الجيش الصهيوني الذي لا يقهر بعد صمود اسطوري لابطال الجيش الاردني والفدائيين والفلسطينيين والعرب في تلك المعركة.
ولما حدث ضد العلم الامريكي: في تلك الجمعة دلالات شديدة الاهمية على الصعيد العربي كله وليس على الصعيد الاردني وحسب:
1- الفرز الواضح بين شارعين, شارع يريد تحولات ديمقراطية حقيقية في اطار استعادة برنامج التحرر القومي المتصادم بالضرورة مع ما تمثله امريكا من مصالح رأسمالية ومحاولاتها ترميم ازمتها بتجديد اطرافها العالمية وبالمقابل شارع يسيطر عليه اصحاب الثورات البرتقالية والملونة ويجاهرون بالرهان على الامريكان لتغيير الانظمة القائمة بانظمة ليبرالية تعزز التبعية مقابل اصلاحات هنا وهناك في خدمة النخب الليبرالية.
2- مع هذ الفرز في الشارع ستشهد الانظمة فرزا آخر بين مراكز القوى المتصارعة (فالحرس الجديد) سيحاول التقاطع مع قوى الثورة الملونة مؤجلا قضايا الصراع الاخرى.. و (الحرس القديم) سيجد نفسه مشتتا بين الخوف من الجميع وبين محاولة توظيف هذه التقاطعات المعقدة لتحسين وضعه مع الامريكان انفسهم.
3- في هذه الظروف على المعارضة الراديكالية ان تحسن ادارة الحراك على قاعدة الصراع والوحدة تكتيكيا وان لا تصب قمحها في طاحونة احد, وان تميز بين المرونة في التعاطي المحلي وبين الصلابة والثبات ضد اي شكل من اشكال التدخل الامريكي والعواصم الرأسمالية الاخرى.(العرب اليوم)