لا تعارض بين الإصلاح والاستقرار..

نستطيع أن نقوم بالاصلاح وندفع كلفته وأن نحافظ على الاستقرار ونعمته في نفس الوقت وهذه المعادلة جدير بنا الان أن نعمل عليها جميعاً مواطنين ومسؤولين مهما تباينت وجهات نظرنا أو اختلفت اجتهاداتنا فالاصلاح ضرورة تقتضيها الحاجة الوطنية والظروف الموضوعية المحيطة في المنطقة والاقليم.. والاستقرار بالمقابل هو حجر الزاوية والعمود الفقري لكل المكونات الوطنية التي صنعت الأردن وهو عنوان مسيرتنا وسبب انجازاتنا لأن الاستقرار وفر الأمن الذي هو البيئة المناسبة لاي تنمية وتطور وازدهار..
لقد جاءت ردود عديدة على ما كتبت حول ثنائية الاصلاح والاستقرار من عديد من القراء وحتى متخصصين ومهتمين منهم من رجح أهمية الاصلاح باعتباره دواء ومنهم من رجح أهمية الاستقرار على اعتبار ان لا قيمة لاي اصلاح أو ديموقراطية دون استقرار..فالاستقرار للوطن هو بمثابة الصحة للانسان وفي هذا السياق وصلتني رسالة ذات دلالة هامة كتبها السيد مالك حداد المدير العام لشركة «جت» والذي يعيش تفاصيل المشهد اليومي وخاصة كل يوم جمعة من خلال عمل شركته في النقل والتي تربط بين مدن المملكة كافة وحتى خارجها والتي تنطلق حافلاتها في مواعيدها بدقة أصبحت مشهودة..
جاءت مداخلة حداد أو ملاحظته وهي مقالة ارسلها لي تحت عنوان «هل آن الأوان للحزم والشدة» وبعيداً عن العنوان فقد طرح صاحب المداخلة أفكاراً ايجابية ومباشرة تتفق مع ما ذهبت اليه فيما كتبته سابقاً حين يتساءل قائلاً :هل المطالبة بالاصلاح تسمح لنا بالفوضى؟ فقد امتدت الاحتجاجات لتشمل كل شيء فالطالب يغش في الامتحان ويعتدي على معلمه وسائق السيارة يخالف أنظمة السير ولا يريد المسائلة والموظف يتأخر عن دوامه وان جرت محاسبته يجمع أصدقاءه ويبدأ بالاعتصام..وأهل المريض يعتدون على الطبيب من أجل دور في طابور أو رغبة في أن يخصهم باهتمام هم من يقدره.. وحتى التجمعات المحتجة تجري مراضاتها أحياناً وتقدم لها المرطبات بحجة أنها تعمل من أجل الاصلاح وتريد أن تربط نفسها بهذا المصطلح..الأمثلة كثيرة وأهم دلالاتها أننا نعيش في حالة من الفوضى باسم الاصلاح والحرية والعدالة ولم يعد هناك أي احترام لهيبة الدولة»..
ويضيف حداد في رسالته قائلاً: هل هذا اصلاح؟ ويجيب على أن الجميع متفق على قضية هامة وأساسية يجمع عليها وهي النظام الذي عنوانه الملك..نظام الهاشميين..وما دون ذلك يمكن مناقشته فنحن نريد عدالة اجتماعية ونريد محاربة الفساد وعدم تزوير الانتخابات ونريد قانون انتخابات عادل وقانون احزاب عصري..الجميع يريد حرية الشعب ومشاركته ولكن بأي أسلوب ؟ هنا يجب أن نتوافق وأن نختار ما يناسبنا ويحافظ على انجازاتنا واستقرارنا..
ويطرح حداد سؤالاً آخر..هل الاردنيون وخاصة الأغلبية التي ربما ما زالت صامتة تريد هذا الاسلوب الذي ما زال يتكرر في كل أسبوع؟..ويجيب لا اعتقد ذلك بحكم ما أشاهده وأسمعه يومياً في قطاعات عريضة وواسعة من الشارع ويقترح حداد في رسالته حلولاً منها..مطالبته باعطاء جدولاً زمنياً لمطالب معينة من قبل من يدعون لهذه التجمعات أو ينظمونها مع الحكومة وأن يكون هذا الجدول الزمني حتى نهاية العام حتى تتمكن الجهات المعنية من دراسة مطالب الشعب وبعدها تحاسب الحكومة على ما قدمت فإن فشلت انصرفت وان نجحت ذكر ذلك لها..
المطلوب ان لا تترك الحكومة وحدها لانجاز برنامج الاصلاح بل يجب مساعدتها وشراكتها في انجازه..
واذا كنا نتحدث عن الاحزاب والنشطاء السياسيين والاجتماعيين وأدوارهم فانني أعتقد أن أكبر حزب الآن على الساحة الأردنية هو المواقع الالكترونية التي نطالبها بأن يكون لها دور ايجابي في توجيه المواطنين نحو العمل الجاد واشراكهم في استفتاءات حول المسائل المثيرة للجدل كقانون الاحزاب والانتخابات والوظائف العامة والضرائب وكلف الوقود المتزايدة التي لها تداعيات سلبية كبيرة على عجز الموازنة ان بقي الوضع هكذا تتحمل فيه خزينة الدولة خسائر كبيرة وأعباء متزايدة ما لم تكن الشفافية والمصارحة وتحميل الجمهور مسؤولياته في ذلك..(الرأي)