منطقة العقبة الاقتصادية

منذ أن أطلقت فكرة تحويل العقبة إلى منطقة اقتصادية خاصة في عهد حكومة أبي الراغب, لم تكن المبررات مقنعة, ولم تكن قويّة بالقدر الكافي الذي يقنع الناس العاديين غير المتخصصين في الاقتصاد, وكانت المسألة بجملتها عبارة عن بهرجة إعلامية تحمل من التضليل والمخادعة أكثر ممّا تحمل من مضامين علميّة موضوعية صادقة.
يقول بعض المطّلعين والعارفين ببواطن الأمور, أنّ مشروع العقبة الخاصة تأسس منذ اللحظة الأولى, بعيدا عن الرقابة, واطلقت يد النخبة في التعيينات والمحسوبيات, والعطاءات, والرواتب الإستثنائية العالية, والنفقات الباهظة بغير حساب.
يقول الخبير الاقتصادي المتابع فهد الفانك "بعد هذه السنوات الطوال من التطبيق يتضح أنّ العقبة عبء ثقيل على الخزينة وليست رافداً لها, وحتى لو حوّلت بعض الإيرادات إلى الخزينة فهي تمثل جزءاً من حصيلة مبيعات أراضي الدولة أو رسوم جمارك ومبيعات...".
كما وقّع حوالي (69) نائبا مذكرة يطالبون بفتح ملف العقبة, وإقالة رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة, وأعضاء مفوضية سلطة إقليم العقبة, وتبنّى المذكرة نائب العقبة محمود ياسين, الذي وعد بعقد مؤتمر صحافي بهذا الخصوص.
ما نودّ قوله أنّ الأردنيين يحسّون بالمرارة تجاه ما حدث ويحدث في العقبة, من بيع الميناء إلى شركة خاصة, وكذلك حول مسألة بيع الشواطئ بأسعار بخس لا تتناسب مع الأسعار الحقيقية, وكذلك مسألة الفوارق الشاسعة بين الرواتب في منطقة العقبة الخاصة مقارنة مع الكادر العام للدولة, والتعيينات التي كانت تتم بفساد واضح يقوم على الشللية والمحسوبية البعيدة عن النهج العلمي الصحيح الذي يتناسب مع التبريرات التي أطلقتها أبواق إعلام الحكومات السابقة, والتي تحاول أن تقلّد تجارب عالميّة ناجحة.
بعد مرور (10) سنوات على هذه التجربة التي استنزفت من الخزينة أموالا طائلة كما نُقل عن رئيس وزراء سابق, لو أنّها أنفقت على (حوشا) لأصبحت مثل باريس; نريد كشف حساب معلن في الصحف أمام الشعب الأردني, يبيّن الفكرة وجوهرها, وما تمّ إنفاقه, وبيان الخطوات التي تمّ تنفيذها, مع بيان مفصّل لراتب رئيس السلطة وكبار الموظفين, مع أسمائهم وبيان شهاداتهم, ومصروفات عائلاتهم, والعطاءات التي أحيلت ولمن تمّت إحالتها, ثمّ بعد ذلك بيان بالعائدات التي تمّ رفد الخزينة بها من خلال هذا المشروع.
نحن نسمع كل يوم قصة فساد كبيرة, تضاف إلى سجلّ الفساد العظيم الذي أصبح سمة لهذه الحقبة من تاريخ الأردن, ولذلك يجب أن تتم معالجة هذا الإحباط عن طريق التوضيح والمكاشفة, وبيان الحقائق بجرأة, فهي الطريق الوحيد للعلاج والخلاص من هذا المرض, وليس بالطبطبة والغموض, والنصح والإرشاد, أو بالتهديد والتوبيخ لمن يتجرأ ويتكلم عن تجارب الفساد المريرة التي أودت بالبلاد وهدّدت أمنها ومستقبل أجيالها.(العرب اليوم)