تصاعد التحذيرات لروسيا من مغبة غزو أوكرانيا وخطة منسوبة لكييف لاستعادة دونباس خلال يومين

المدينة نيوز :- أبلغ طرفا الصراع في المنطقة المتنازع عليها في شرق أوكرانيا عن انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار اليوم الأحد، مع تأكيدات كييف وحلفائها الغربيين اعتزام روسيا غزو جارتها في غضون أيام، في حين احتلت الأزمة نصيب الأسد في مؤتمر ميونخ للأمن الذي يختتم أعماله اليوم الأحد.
وقالت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي إن واشنطن ستعيد تقييم الأزمة في أوكرانيا وفقا لتطورات الأحداث في الأيام القادمة.
وخلال مؤتمر صحفي على هامش مؤتمر ميونخ للأمن اليوم قالت هاريس إن هناك اعتقادا بأن بوتين أمر ببدء هجوم واسع على أوكرانيا.
وأضافت أنه لا يمكن لأي دولة أن تصبح عضوة في الناتو بين ليلة وأخرى، مؤكدة في الوقت ذاته على حق الدول في اتخاذ قرار الانضمام للحلف أم لا.
من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -خلال كلمة أمام مؤتمر ميونخ- إن روسيا تحاول إعادة تعريف منظومة الأمن الأوروبية، داعيا إلى ضرورة التصدي للسياسة الروسية والصينية الرامية لاستعادة أمجاد الماضي، وفق تعبيره.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طالب حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) بحسم موقفه بشأن ضم بلاده إلى الحلف، وقال إن الغرب سيحمي أمنه بدعم أوكرانيا عسكريا.
وأضاف زيلينسكي -في كلمة له أمام مؤتمر ميونخ للأمن أمس السبت- أن الاتهامات بوقوع هجمات بقذائف أوكرانية على مناطق روسية اتهامات سخيفة ولا أساس لها، كما أبدى استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وتنتظر كييف مع ختام مؤتمر ميونخ (أكبر حدث على مستوى العالم يتعلق بالسياسة الأمنية) موقفا مشتركا قويا حيال التهديد الروسي المستمر لغزو البلاد، عقب كلمة الرئيس الأوكراني واللقاءات التي أجراها على هامش المؤتمر ومطالبته باتخاذ مواقف حاسمة لدعم بلاده.
اجتماع بايدن
من جهته، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيعقد اليوم الأحد اجتماعا لمجلس الأمن القومي لمناقشة الوضع في أوكرانيا، مشيرا إلى أنه اطلع على فحوى محادثات نائبته هاريس مع حلفاء الولايات المتحدة في مؤتمر ميونخ للأمن.
وقال البيت الأبيض -في بيان- إن فريق الأمن القومي الأميركي جدد التأكيد على أن روسيا يمكن أن تشن هجوما على أوكرانيا "في أي وقت".
وأضاف أن الرئيس جو بايدن يواصل متابعة تطورات الوضع في أوكرانيا ويتلقى بانتظام إحاطات من قبل فريقه للأمن القومي.
وكان بايدن قد صرح -أول أمس الجمعة- بأنه مقتنع بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ القرار بغزو أوكرانيا، وأن القوات الروسية تنوي بدء الهجوم في الأيام المقبلة.
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن -في مقابلة صحفية- أنه مقتنع بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ قراره بالمضي قدما في غزو أوكرانيا.
وأضاف بلينكن أنه "إلى أن يحدث ذلك فإن الجانب الأميركي لن يدخر جهدا في المساعي الدبلوماسية ومحاولة التأثير في تفكير بوتين"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن جهود واشنطن الدبلوماسية منسقة بالكامل، وكذلك الخطوات لمواجهة ما سماه العدوان الروسي، وأنه يتطلع إلى لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف في 24 فبراير/شباط الجاري إذا لم تقم روسيا بغزو أوكرانيا خلال هذا الوقت.
وقال بلينكن إن الحرب ستكون لها عواقب وخيمة ومدمرة على الأوكرانيين الأبرياء وعلى روسيا أيضا.
كما أعلن وزير الخارجية الأميركي توافق مجموعة الدول السبع بشأن حجم ومدى العواقب التي ستفرض على روسيا إذا غزت أوكرانيا.
وأضاف بلينكن أن واشنطن تقف إلى جانب كييف ضد ما وصفه بالخطاب العدائي لروسيا والحشد العسكري غير المبرر على حدود أوكرانيا.
"ستضرب بشدة"
في سياق متصل، حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن روسيا تخطط لأكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945.
وأضاف جونسون -خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" (BBC)- أن المعلومات الاستخباراتية تظهر أن روسيا تعتزم شن غزو سيطوق العاصمة الأوكرانية كييف، وأن الخطة لتنفيذ ذلك قد بدأت بالفعل في بعض النواحي.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن لندن وواشنطن ستمنعان شركات روسية من التعامل بالدولار وبالجنيه الإسترليني إذا غزت موسكو أوكرانيا، مشيرا إلى أن تأثيرات هذه الخطوة "ستضرب بشدة".
وأشار إلى أن العقوبات على روسيا في حال غزوها لأوكرانيا ستذهب إلى أبعد مما هو مقترح سابقا.
وقال جونسون إن بوتين قد لا يكون يفكر بشكل منقطي، داعيا إياه للتراجع.
تصعيد ميداني
ميدانيا، اتهم الجيش الأوكراني اليوم الأحد الانفصاليين بخرق وقف إطلاق النار في إقليم دونباس (شرقي البلاد) 136 مرة، مؤكدا تواصل مناوراته على كامل أراضي البلاد، كما أعلن الجيش إغلاق معبر ششاستيا الحدودي في دونباس بعد تعرضه للقصف.
في حين أفاد مراسل الجزيرة في دونيتسك بإقليم دونباس بسماع دوي انفجار في حي كييفسكي الذي يسيطر عليه الانفصاليون الموالون لروسيا في شمال المدينة، وتبعته رشقات بالرشاشات الثقيلة قرب مطار المدينة الواقع على خط التماس الفاصل بينهم وبين الجيش الأوكراني.
وقالت وكالة رويترز إن انفجارات ضخمة سمعت أيضا في وسط المدينة.
ونقلت الوكالة عن مصدر دبلوماسي أن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا سجلوا أمس السبت نحو ألفي خرق لوقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا، وهي أكبر حصيلة تسجل منذ بداية العام.
من جهتهم، أعلن الانفصاليون في دونيتسك إحباط عملية قالوا إنها كانت تهدف إلى تخريب محطات الكهرباء والمياه والغاز، كما اتهموا القوات الأوكرانية بقصف مناطق سكنية في المدينة 8 مرات اليوم.
وشهد إقليم دونباس في الساعات الماضية تبادلا للقصف وصف بأنه الأعنف منذ وقف إطلاق النار نهاية عام 2014.
وكانت السلطات الأوكرانية قد قالت إن جنديين أوكرانيين قتلا جراء قصف الانفصاليين المواليين لروسيا مناطق في إقليم دونباس.
واندلع القتال بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا في المنطقة في عام 2014، وأسفر عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص، وتم التوصل إلى وقف هش لإطلاق النار منذ نحو 7 سنوات، لكن الجانبين يتهمان بعضهما بانتظام بارتكاب انتهاكات.
خطة مفترضة
في سياق متصل، أعلن انفصاليون في دونباس اليوم مقتل مدنيين اثنين في حادث قصف وقع بقرية في منطقة الصراع بشرق أوكرانيا.
وقد أعلن زعماء الانفصاليين أمس السبت تعبئة عسكرية عامة، وأصدروا أوامر بإجلاء النساء والأطفال إلى روسيا بسبب ما قالوا إنه احتمال وقوع هجوم وشيك ضدهم من جانب القوات الأوكرانية.
وأشار الانفصاليون إلى أنهم اطلعوا على خطة الجيش الأوكراني لاستعادة مناطق سيطرتهم خلال يومين.
ونفت كييف نفيا قاطعا هذا الاتهام، وقالت -ومعها زعماء غربيون- إن الحشد والإجلاء وتصعيد القصف على خط وقف إطلاق النار في الأيام الماضية جزء من خطة روسيا لخلق ذريعة لغزو أوكرانيا.
وقال وزراء خارجية دول مجموعة السبع لدى اجتماعهم أمس السبت -على هامش مؤتمر ميونخ للأمن- إنهم لا يرون أي دليل على أن روسيا تقلص نشاطها العسكري بالقرب من حدود أوكرانيا.
تمديد للمناورات
بدوره، أعلن وزير الدفاع البيلاروسي فيكتور خرينين أن بلاده وروسيا قررتا تمديد مناوراتهما العسكرية واسعة النطاق، مما يعني أن القوات الروسية لن تنسحب من البلاد كما جرى الإعلان عنه في السابق.
وكان من المقرر أن تنتهي المناورات اليوم الأحد، وتزيد خطوة التمديد من الضغوط على أوكرانيا التي يحذر الغرب من أنها قد تتعرض لغزو وشيك من جانب روسيا.
وقال خرينين إنه تم اتخاذ قرار التمديد بسبب التوترات المتصاعدة في منطقة دونباس، فضلا عن تزايد النشاط العسكري بالقرب من الحدود الخارجية لروسيا وبيلاروسيا.
وكانت كل من موسكو ومينسك قد أعلنتا أن القوات الروسية المشاركة في المناورات المشتركة ستنسحب عقب انتهائها مباشرة، وهو أمر كان يترقبه الغرب الذي شكك في إعلان روسيا قبل أيام سحب بعض قواتها التي تقوم بتدريبات عسكرية.
يأتي هذا في وقت تتواصل فيه المناورات الإستراتيجية الروسية التي أمر بها الرئيس فلاديمير بوتين لليوم الثاني، وتشمل هذه المناورات صواريخ باليستية ومحاكاة هجوم نووي وتدريبات عسكرية واسعة مع بيلاروسيا.
وأشرف الرئيس الروسي أمس السبت مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو -من مركز قيادة العمليات بوزارة الدفاع- على بدء المناورات الإستراتيجية.
يأتي ذلك في حين أعلنت موسكو بدء تحقيق في سقوط قذيفتين داخل أراضيها، من دون الحديث عن وقوع إصابات.
إجلاء
وفي ظل المناورات والتصعيد الميداني في شرق أوكرانيا تتواصل عمليات إجلاء المدنيين من مناطق سيطرة الانفصاليين في إقليم دونباس باتجاه الأراضي الروسية، وفق بيانات صادرة عن موسكو.
وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية اليوم الأحد وصول أكثر من 40 ألف لاجئ من إقليم دونباس إلى الأراضي الروسية منذ بدء عمليات الإجلاء.
وبدأت عمليات الإجلاء من دونباس قبل يومين، وتشمل النساء والأطفال وكبار السن، حيث حظرت سلطات دونيتسك ولوغانسك خروج أو سفر الرجال بين سن 18 و55.
وكانت موسكو أوعزت لسلطات مقاطعة روستوف الروسية باستقبال اللاجئين من إقليم دونباس وتقديم الدعم اللازم لهم.
المصدر : الجزيرة + وكالات