سياسة عدم تخفيض العجز

هل يجب على الحكومة أن تنتظر حتى نهاية السنة لتقيس إنجازات الاقتصاد الوطني تحت إدارتها، أم أنها تستطيع أن تقرأ الكتاب من مقدمته لتفهم الإنذار المبكر وتتصرف على ضوئه.
المؤشرات السـلبية واضحة، فالنمو الاقتصادي في تراجـع، وعجز الموازنة في ارتفاع، والمديونية في ازدياد، واحتياطات العملـة الأجنبية في انخفاض، ومعدل التضخـم في ارتفاع، وعجز الحساب الجاري في اتساع، فماذا هي فاعلة؟.
يقال بأن الفريق الاقتصـادي الوزاري يعي هـذه الحالة، ولديـه أفكار للتعامل معها، ولكن الفريق الاقتصادي مغلوب على أمره لحساب الفريق السياسي الذي يريد شـراء الوقت وترحيل المشاكل للمستقبل على قاعدة الاعتماد على الاقتراض طالما أن السداد سيكون على عاتق حكومة أخرى في المسـتقبل.
المعونة الاسـتثنائية التي تكرمت بها المملكة العربية السعودية مشـكورة لا يقصد بها تمرير الحكومة من هذه السـنة، بحيث تحتاج لمبلغ أكبـر في السنة القادمة، بل يقصد بها أن تصحح أوضاعاً هيكلية مثل: تخفيض عجز الموازنة، وتقليل الحاجـة للاستدانة، وإعادة بناء احتياطي العملات الأجنبية، وزيادة الثقة العامة كشـرط للاستثمارات المحلية والخارجية.
الدولة المانحـة الشـقيقة لم تفرض علينا شروطاً لاستعمال المال، ولذا فإن الحكومة الأردنية هي التي تتحمل مسؤولية اختيار الاستعمالات، وأسـوأها استخدام المال لتثبيت أسـعار البنزين واللحوم والكهـرباء وما إلى ذلك من وسائل حـرق المال دون طائل ومحاولة التصرف وكأن الأردن دولة رفاهيـة.
ُنريد أن ُنري الدولـة المانحة التأثير الإيجـابي لهذه المعونة المالية على مؤشرات الاقتصاد الأردني التي أشـرنا إلى بعضها أعلاه.
كنا نتوقع أن ترتفع أسعار الأسـهم في بورصة عمـان بعد الإعلان عن المعونة المالية الكبيـرة، ولكنها انخفضت بنسبة 27ر0% في اليوم التالي للإعلان، مما يدل على أن السـوق، الذي يفهـم أهمية تدفق مال عربي إلى المملكة، ليست لديه ثقـة كافية بحسن تخصيصه لاعتبارات اقتصادية وليسـت إعلامية.
مطلوب من الحكومة أن تعلن عن برنامج تفصيلي لتخصيص المنحة الكبيرة طالما أن سياسـتها المالية تقتضي المحافظة على عجـز الموازنة عند المستوى العالي المقرر في الموازنة ، بحيث لا ينقص بمقـدار الإيراد الاستثنائي، بل يمكن اختلاق وسائل إنفاق تستوعب هذا الإيـراد.(الراي)