(مِهْوى الحكي)

في البلد قضايا كثيرة للنقاش تطرح لأول مرة تتعلق بشتى الشؤون السياسية الكبرى, والناس يلتقون ويعقدون الكثير من الاجتماعات لتبادل الرأي.
لا يحب السياسي الأردني أن يكون أول من يقدم أفكاره حول موضوع جديد يطرح للنقاش, وهو يحرص أن يعرف أولاً أين "تتجه الأمور" وما هي "نبرة" الحديث عند المهتمين قبل أن يقول ما عنده, وهو دائماً يستمهل محدثيه, وقد يلجأ إلى إظهار التواضع فيعلن انه يرغب أن يكون آخر المتحدثين.
هو قد يسأل فيما إذا كان آخرون قد أوضحوا أو أعلنوا رأيهم, وقد يسأل عن رأي شخص معين, وذلك سعياً للاتفاق أو الاختلاف معه, وبعد ذلك قد يعلن موقفه, ومقياسه في تقييم الأمور هو موقف الآخرين, ورأيه يكون على شكل خلاف أو اتفاق مع آخر أو آخرين, لا على شكل فكرة خاصة به يقدمها هو.
هو يسعى إلى إبداء رأيه بالتدريج, ويعتمد آليات "جس النبض". وعلى العموم, نحن في الأردن نَصِف من يعلن رأيه بوضوح دون انتظار بأنه "بَق كل ما عنده", أو انه "أفرغ ما في جوفه", والمعروف أن "البق" و"الإفراغ" يستدعيان التقزز أو على الأقل الرثاء لحال من يقوم بهما.
يحب رجل السياسة أن يعرف مسبقاً كيف سيكون "الرّش" حول الموضوع وما هو "مِهوى" الحكي, ومستوى "البتع" العام عند المتحاورين, وهل يجري النقاش "من فوق الجوزة" أم "من قلب ورب", وبعدها يقرر أين "يضع بيضاته".(العرب اليوم)