الدراما السورية.. جرأة لتخدير الشعب وتلميع النظام

المدينه نيوز- أبدع كل من عابد فهد وسلاف فواخرجي وكندة علوش وسلوم حداد في مسلسل "الولادة من الخاصرة" سيناريو سامر رضوان وإخراج رشا شربتجي. المسلسل الذي تسابقت أبرز الفضائيات العربية على شرائه وبثه في أوقات متقاربة....
فاجأ المشاهدين بمعالجة جريئة لقضايا المجتمع السوري على مختلف الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتطرقه لموضوع حساس جدا هواستغلال رجال الأمن لمناصبهم في تصفية حساباتهم وعلاقاتهم الشخصية واستخدام القوة العسكرية والنفوذ السياسي في الإساءة للمواطن والتنكيل به جهارا وأمام مرأى بعض المسؤولين بل وبتواطئهم وتسترهم أحيانا وتجسدت الشخصية في المقدم رؤوف الذي جسد دوره عابد فهد.
المواضيع المعالجة في "الولادة من الخاصرة" وإن اختلفت طبيعتها وتفرقت في أفكار ومشاهد مستقلة عن بعضها البعض، إلا أن فكرة جبروت سلطة المال والمنصب والنفوذ كانت العامل المشترك بينها جميعا .فثراء سلوم حداد حفز ابنه على استعمال سلطة المال ضد عاملات المصنع واستغلالهن والإساءة لشرفهن مقابل ترقيات أو تحفيزات مالية شهرية، بل إن لعنة المال دفعت بالابن إلى رفع دعوى قضائية ضد والده بالتواطؤ مع خالته المادية، وهو المقدم رؤوف بإنجاب الولد دفعه إلى تعذيب زوجته الأولى التي تمردت على قسوته وأجهضت ابنه ثم انتقم من زوجاته تباعا بحجز الثالثة في غرفة وحرمانها من حريتها. كما عالج المسلسل الفوارق الطبقية الصارخة بمعايشة واقع عائلة قصي الخولي الذي شرد مع زوجته وابنته بسبب تهمة سرقة أموال والده وتعرضه إلى مختلف أنواع الإهانة في إحدى الحارات الفقيرة والمعدمة.
جرأة "الولادة من الخاصرة" أخرجت الدراما السورية من القالب النمطي الذي سعى بعض المنتجين إلى إغراقها فيه مؤخرا بإلهاء المشاهد السوري والعربي عن مشاكله الحقيقية بالبكاء على أطلال شهامة الحارات الدمشقية القديمة وإدمان الأعمال البيئية التي أصبحت نسخة مكررة تتعامل مع نفس الوجوه وتجتر نفس الموضوع ولا تتغير إلا العناوين وأغاني الجينيريك.
"الزعيم" مثلا كان المسلسل الذي راهنت عليه قناة "أم بي سي" لتحقيق نجاح "باب الحارة" ولكن أسبوع من المشاهدة كان كافيا للجزم بأننا لم نغادر حارة "الضبع" ومشاكل أهلها وعائلاتها "المرأة المطيعة لزوجها والرجل الشهم والفتاة المدللة التي تنتظر فارس أحلامها والزعيم الذي تحترمه كل الشخصيات الفاعلة في المجتمع".
الفرق الوحيد بين المسلسلين هو الفترة التاريخية التي تدور فيها الأحداث وتعمد توسيع مفهوم الزعامة بإخراجه من الحارة الواحدة إلى زعيم الحارات. هذا الأخير يجسد دور البطولة فيه الفنان خالد تاجا إ ذا كان "الزعيم" يكرس لضرورة وحدة الشعب ونبذ كل ما من شأنه أن يفرق أو يثير الفتنة، فإن "الولادة من الخاصرة" يفضح الواقع بكل تفاصيله ويبقى المشاهد العربي هو الحكم الأخير بين من قد يعتبر هذه الجرأة شجاعة من فريق العمل في وقت حساس تعيش فيه سوريا أوضاعا كارثية وبين من قد يعتبر هذه الخرجة مجرد حقنة مخدرة. وبين هذا وذاك لا تزال الدراما السورية مصرة على المضي قدما وهي من رفض نجومها الخوض في السياسة ودخلوا استوديوهات تصوير الأعمال الرمضانية بأذن من طين وأخرى من عجين.(الشروق اون لاين الجزائرية)