موازنة 2014 : نفس قصة إبريق الزيت !

تم نشره الأحد 12 كانون الثّاني / يناير 2014 01:20 صباحاً
موازنة 2014 : نفس قصة إبريق الزيت !
د . فطين البداد

يبدأ النواب صباح الإثنين مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2014 ، وهو القانون الذي تطرقت إلى جانب منه في مقال سابق ، ووعدت بمتابعة نقاشه ، وها أنا ذا أفعل .

لا نرغب هنا في مناقشة أرقام صماء ، ولكننا سنشارك السادة النواب في بعض التحليل الذي لا بد أنهم يشحذون أقلامهم وأرقامهم في هذه الأثناء لتلاوته على الهواء مباشرة عبر شاشة التلفزيون الأردني كما جرت عليه العادة :

تزداد الإيرادات العامة في موازنة 2014 عن العام 2013 بقيمة تصل إلى 6 ، 61 مليون دينار ، أو بنسبة 1 % من الناتج ككل ، وهي نسبة لا تكاد تذكر في الشركات الخاصة لدى إعادة التقدير بشكل عام إن كان الإقتصاد في عافية ، فما بالكم بالدول ؟ .

وفي مقابل هذه الزيادة ، يسجل الناتج من الإيرادات المحلية تراجعا بقيمة 70 مليون دينار ، أو ما نسبته 3 ، 1 % لدى إعادة التقدير .

واللافت في مشروع قانون الموازنة للعام الحالي : أن الإيرادات الضريبية تراجعت بنسبة تصل إلى 5 ، 1 % مليون دينار ، أي بمبلغ 55 مليون دينار على اعتبار أن إيرادات الضريبة للعام الحالي هي 517 ، 3 مليار دينار .

وما يلفت في هذا التراجع أنه مسجل على الشركات المساهمة العامة ، مما يعني ، أن هناك شركات متعثرة وتتعثر كل عام ، ولا زالت عاملة ، أو إن شئتم : لم يتم النظر بأسباب تعثرها ، ويشي هذا الأمر بأن قصة الموازنات هي نفس قصة " إبريق الزيت " التي لا زالت الحكومات المتعاقبة تتعاطى بها ومعها ، وتقتضي الأمانة هنا أن أذكر بأن وزير مالية سابقا تنبه لهذه القضية فقدم مع موازنة العام 2013 برنامجا للإصلاح الإقتصادي لم يلتفت إليه أحد ، لنفاجأ بأن هذه الشركات هي ذاتها ، بل زادت أعدادها ، ويعني هذا أننا ننظر في واد ، بينما نطبق في واد ، ولنقس على تراجع ضرائب الشركات تراجع ضرائب الخدمات والسلع ( المستوردة والمحلية والخدمات ) .

فإذا كانت الحكومات تضع أرقاما تقديرية ، فإن هذه الأرقام التقديرية كان يجب أن توضع بناء على قراءة تقديرية ضريبية واعية ، إلا أن ما لم يعلمه الأردنيون ، ان الأخطاء التي وقعت في موازنة العام 2013 ستقع في موازنة هذا العام ، لماذا ؟؟ لأن الطريقة التي اتبعت في تقديرات الناتج هي ذاتها التي اتبعت في العام الحالي ، وأتحدى أن لا نشهد نهاية العام ذات السيناريو السابق ، إذ إن الحكومة ، وبعد أن تبين لها بأن أرقام موازنتها للعام 2013 كانت خطأ ، أو إن تلك الأرقام جاءت لأسباب " تجميلية " كما ورد بتقرير اللجنة النيابية المالية ، عمدت " لتلحق حالها " إلى فرض الضرائب الخاصة على الإتصالات والخلويات ورفعت ضريبة المبيعات على الملابس ، ونسيت في غمرة كتابة أرقام موازنتها أن سكان الأردن يزيدون ، بل إن تقرير اللجنة المالية الذي حصلت عليه يقول : إنه كان بالإمكان أن تصل نسبة تراجع المقدر إلى " 300 " مليون دينار ، وهو أمر في غاية الخطورة .

وإذا استثنينا ضريبة العقار والرسوم الجمركية اللذين سجلا نموا بقيمة 31 مليون دينار ، فإن جميع الإيرادات غير الضريبية سجلت تراجعا من مثل : فوائد القروض المستردة ، بقيمة 15 مليون دينار ، والملكية الأردنية التي سجلت تراجعا بقيمة 5 ، 2 مليون دينار ، وينطبق نفس الحال على الفوائض المالية : حيث سجلت تراجعا كل من إيرادات المؤسسة الإستهلاكية المدنية ، وأرباح شركات توليد الكهرباء ، ومؤسسة سكة الحديد ، وهيئة الطيران المدني وسلطة إقليم البتراء ومستشفى الأمير حمزة وصندوق البحث العلمي ، وهيئة النقل البري .

وليس هذا فقط ، بل سجلت الرسوم الإدارية هي الأخرى تراجعا من مثل إيرادات : المحاكم ، والجوازات ، والأحوال المدنية ، والخدمات القنصلية ، وتصاريح العمل والإقامة وتسجيل الشركات وتحويلات التأمينات الجمركية .

أما القطاعات التي سجلت نموا في الإيرادات غير تلك المقدرة في العام 2013 فهي كل من : الفوائد البنكية ، وكذلك الأمر بالنسبة للفوائض المالية التي سجلت نموا عن المقدر لها من مثل : شركة الصوامع ، وشركة المطارات الأردنية ، وهيئة تنظيم الإتصالات ، ومركز إيداع الأوراق المالية ، وهيئة الأوراق المالية ، والمناطق الحرة ، وهيئة التأمين ، ومؤسسة المواصفات والمقاييس ، وعوائد مطار الملكة علياء ، وصندوق التشغيل والتدريب ، وهو أمر يقاس على " الرسوم الإدارية " من مثل تسجيل نمو في كل من : طوابع الواردات ، التلفزيون الأردنية ، الآثار العامة ، رخص المركبات .

وإذ حاولت الإختصار قدر الإمكان ، فإني أنبه النواب والمواطنين ، بأن كل القطاعات التي سجلت تراجعا وأشرت إليها ، تم تكرار " خطيئة " توقع نموها في موازنة العام 2014 ، أي أننا نكرر الأخطاء عاما إثر عام ، حتى بات المرء يتساءل حقا : من الذي يضع الموازنات للدولة الأردنية ؟ .

وإذا أغضب هذا السؤال دائرة الموازنة العامة ، فإني أسأل السادة في دائرة الموازنة العامة وهم يعرفون الإجابة بالتأكيد : كيف تضعون للعام 2013 منحا تطلقون عليها " منح أخرى " وهي غير المنح المؤكدة والموثوقة حيث وضعتم رقمها " صفر " وإذ بها في نهاية العام 2013 تصل إلى 140 مليون دينار ، أو بمجموع " منح أخرى " قدرها 280 مليونا ، دون أن نحسب الـ 140 مليون دينار " الأمريكية " التي " دبك " السفير الأمريكي في إربد بعد الإعلان عنها ، وخصصت كمساعدات على مدار خمس سنوات ، وجاءت دعما أمريكيا مشكورا للمحافظات أو " الحكومات المحلية ؟ .

واستذكر هنا ما قاله رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور ، عندما أخبر المواطنين بأنه " سيتدبر " أمر المبلغ الذي نقص من تقديرات موازنة العام 2013 عندما ألغى التوقيت المعمول به ، حيث كان التوقيت الذي تذمر منه المواطنون يوفر ما يقرب من 7 ملايين دينار ، وأحاول أن أنقص هذا المبلغ من " المنح الأخرى " فتصبح المعادلة كالتالي : 140 – 7 = 133 مليون دينار ..

حسنا : أين تم رصد هذا المبلغ الذي لم يكن مرصودا في الموازنة المذكورة ؟ .

سيمر مشروع قانون موازنة 2014 كما مر سابقه ، لأنه ما من أحد " قاري ورق " كما يقول المثل الأردني الدارج .

د . فطين البداد 

 fateen@jbcgroup.tv

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات