الرفاعي ..طربوش السياسة

المدينة نيوز - خاص - محرر الشؤون المحلية : أطلقوا عليه " الحكيم " مع أنه كان يتصرف كمدير مدرسة يعتقد ان السياسيين الاردنيين هم طلاب تحت امرة هراوته، وعليهم اداء فروض الطاعة في حضرته والاستماع لاوامره جيدا.
زيد الرفاعي السياسي القادم من زمن "الكتاتيب " يرفض الاعتراف بسطوة ظاهرة الديجتال في السياسة الاردنية المعاصرة، ويسعى بكل ما أوتي من قوة لاعادة عجلات الزمن السياسي الى الوراء رغم ما فيها من محطات موجعة، حتى يظل قادرا على قيادة القافلة.
احد ابرز السياسيين الذين رفضوا الاعتراف بالعصر الديمقراطي، وتضرروا من هبوب رياح الديمقراطية فذهب الى وضع عصيه الغليظة في عجلة التعددية السياسية لوقف عقارب الساعة، فالرجل بنى مجده في مرحلة الاحكام العرفية، حين تحول الى حاكم عسكري تفنن في تكميم افواه الخصوم والاصدقاء على حد سواء.
لم يحصل في حياته السياسية على لقب الباشا رغم انه يعتقد نفسه صانعا للباشوات حين ظل يتصرف بعقليتهم، لكن دولة زيد الرفاعي يمارس اليوم ما تبقى لديه من قوة، لوقف عجلة الاصلاح السياسي، لتقاطع سجيته السياسية مع الشعارات المطروحة.
رغم انتهاء مرحلة الاحكام العرفية، وطي صفحتها السوداء للأبد، الا ان العقلية العرفية هي التي ظلت تحكم منظومة العلاقات في محيط الدائرة السياسية التي يتحرك فيها ابو سمير حتى بعد ان انفض من حوله الكثير من اصدقائه.
جنرال بثياب مدنية، قاد سفينة السياسة في البلاد لسنوات طويلة في عقدي السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي، لكنه ما زال يمسك بعصاه الغليظة متوعدا الطلاب الذين يحاولون القفز خارج اسوار المدرسة العتيقة التي فقدت بريقها.
في التاريخ السياسي الحديث للأردن، فإن اسئلة وطنية كثيرة تفرض نفسها في الصفحة الخاصة للسياسي الذي حلم بالباشوية زيد الرفاعي وهي صفحة فيها الكثير من المحطات الموجعة التي فرخت سحبا داكنة .
في خريف 2009 اكتملت زوايا المربع الرئاسي في المحيط العائلي للرئيس زيد الرفاعي، فهو رئيس ووالد رئيس وابن رئيس وابن اخ رئيس، وهي ظاهرة لم تتكرر في اي من العائلات السياسية في الاردن حتى الان.
عندما اسند دولة ابي سمير حقيبة التربية والتعليم في حكومته الاولى عام 1973 للرئيس مضر بدران، لم يكن يتوقع ان يتحول الرجل الى احد اشد منافسيه في الساحة السياسية في العقود اللاحقة.
زيد الرفاعي الذي اضطر لقطع اجازة شهر عسله في الولايات المتحدة عام 1965 للمشاركة في مراسم تشييع والده الباشا، لم ينقطع منذ ذلك التاريخ عن دوائر صنع القرار في البلاد.
وتقول الرواية المتداولة ان دولة ابي سمير يضع الان كل ثقله خلف عجلة ابنه الرئيس، وان اعتزاله للحياة السياسية في البلاد، جاء ليفسح المجال امام ابنه الشاب الذي يبدو مبتسما دائما، لثقته بخبرة والده السياسية.