البهلوان

المدينة نيوز- خاص – كتب محرر الشؤون المحلية - لم تحمه وظيفته في رئاسة الديوان الملكي من سهام الانتقادات الحادة التي لاحقته ووصلت في بعضها للضرب تحت الحزام، لكن باسم عوض الله شكل ظاهرة استثنائية في الحياة السياسية الاردنية المعاصرة، الى درجة أن اصابعه وصلت الى كثير من المفاصل الرئيسية في الادارات الرسمية العليا، وصار له مريدوه ومبغضوه داخل التوليفة السياسية بشتى مشاربها ، واخترع العقل الاعلامي الاردني مصطلح "وزراء الديجتال " للاشارة الى عوض الله ورفاقه الذين استطاعوا كسر التابوهات العتيقة من خلال رؤيتهم التي اطاحت بشخصية الوزير ووظيفته التقليدية، وقدمت للشارع الاردني وزراء من طينة اخرى، لم يصبهم الخجل وهم يتحدثون لمواطنيهم باللغة الانجليزية ، معتمدين في الغالب على قصة " المارينز " ممن عرفوا لدى المحافظين بـ " حليقي الرؤوس " قبل أن تنتشر انتشار النار في الهشيم موضة " السكسوكة " .
في اكثر من حكومة، منذ مطلع الالفية الثالثة، كان الدكتور باسم عوض الله عضوا فاعلا فيها ويحمل لقبا مضافا لوظائفه المتعددة، وهو رئيس الفريق الاقتصادي، واستطاع بذكائه المستند الى ثقة ودعم كبيرين، من وضع يده على مدخلات الاقتصاد الاردني ومخرجاته، ولم يتردد لحظة واحدة في تقديم خرائط جديدة قلبت الطاولة امام رجال الاقتصاد التقليديين وهم يقفون باندهاش امام الطريقة التي يعمل بها هذا السياسي الشاب، الذي انحاز للخيار الاقتصادي في مرحلة تقاطعت فيها المصالح والاهتمامات.
عوض الله الذي درس وعاش في الولايات المتحدة، اكتسب خصوما كثيرين في الشارع الاردني، بشقيه السياسي والاقتصادي، الى درجة ان تهما عديدة لاحقت الرجل حتى قبل ان يغادر مكتبه الرسمي الفاخر، فقد اتهم بالتساهل بالمال العام، واتهم ايضا ببيع الاراضي العامة للمستثمرين، واتهم بانه يقف وراء دخول رؤوس اموال لا هوية لها الى الاردن، لاعتقاد الرجل ان الاقتصاد هو الذي يصنع السياسة، وان راس المال هو المحرك الرئيس لعجلة الحياة في الاتجاهات كافة .
الذين تعاملوا مع باسم عوض الله يتهمون الرجل بالفوقية، ويقولون ايضا انه يضرب بسيف لم يكن قادرا ًعلى الامساك بمقبضه تماماً، لذلك عندما غادر موقعه الرسمي انكشف ظهره وصار عرضة للقول الجارح من الخصوم و الاصدقاء معاً، فلم يطق الاقامة في محيط مليء بالخصوم والاعداء فغادر الى خارج الاردن، حيث يدير استثماراته التي تتحرك في اكثر من بلد.
البلهوان، هكذا يسميه خصومه، وهي ليست صفة للرجل، بل اسمه الاخير، ولان لكل امرئ من اسمه نصيب فقد نظر كثيرون الى باسم عوض الله بصفته بهلوانا ، يمكن ان يرقص على حبال كثيرة، غير انه ظل منحازا ًللحبل الاكثر قوة ومتانة وهو حبل الاقتصاد.
مثلما تميز بعدد خصومه الذين تزايدوا كثيرا ًفي السنوات الماضية، فقد تميز كذلك بعزوبيته ايضا ً، وكان يتم تصنيفه على انه واحد من اشهر العزاب السياسيين في الاردن، رغم انه تجاوز النصف الثاني من عقده الخامس، وفي الحالات جميعها كان البهلوان يعرف ما يريد، وظل قادرا ًعلى توجيه الرياح باتجاه اشرعة سفينته التي واجهت امواجا صاخبة في بحر مليء بالحيتان واسماك القرش المفترسة 0