"الافتاء": تمكين وحدة الأمة يستوجب وقف الصراعات السياسية والفتاوى التحريضية

المدينة نيوز:- قالت دائرة الافتاء العام ان الدعوة إلى تمكين وحدة الأمة يستوجب وقف الصراعات السياسية، والفتاوى الدينية التي تدعو وتحرض على سفك الدماء وتكفر المسلمين وتقوض أمن المجتمعات وسلامتها، وإعلاء كلمة التعاون والتعاضد والتماسك، والعمل الحثيث من أجل المصالحة بين أبناء الأمة شعوباً وحكومات.
واكدت الدائرة في بيان لها اليوم السبت تلقت (بترا) نسخة منه أن ما وصلت إليه أمتنا العربية اليوم من أحوال يتعارض تماماً مع ما حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على الإيمان والالتزام به من فرائض وقيم ومقاصد تدعو إلى الوحدة والتماسك وحرمة سفك الدماء.
كما اكدت الدائرة ان ما يحدث في مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها في بلداننا العربية والإسلامية يتنافى مع النماذج التاريخية لتجربتنا الإسلامية المشرقة التي ارتكزت على الإخاء والشورى وحفظ كرامة الإنسان، قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل/125.
ودعت الدائرة الى استشعارالمسؤولية الدينية والتاريخية والإنسانية التي تفرض على المسلمين المصارحة والنصيحة من خلال الدعوة إلى الحفاظ على وحدة الأمة وكرامة الإنسان وأمن الأوطان، اذ تتابع الدائرة بقلق كبير ما تتعرض له أمتنا من أخطار، وما يتصاعد بين أبنائها من دعوات للقتل والثأر، وما يروج له في وسائل الإعلام من بيانات تثير الفتنة والعصبية والكراهية. واشار البيان ان وحدة الأمة التي تجسدت واقعاً على امتداد قرون طويلة من تاريخنا شكلت حلماً لأبناء أمتنا الواحدة، تتعرض الان لمحنة صعبة ومحاولات حثيثة لتقويضها، ومن واجب أبناء أمتنا لا سيما العقلاء والحكماء أن يتنبهوا إلى هذا الخطر الكبير، وان ينهضوا لمواجهة هذه الطامة الكبرى، وذلك استجابة لنداء الأخوة (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات/10 ، وحفاظا على بيضة الأمة وقوتها ومصالحها، وردّاً على محاولات أعدائها والمتربصين بها، قال صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى" متفق عليه.
وناشد البيان علماء الأمة ومفكريها بالانحياز إلى مصلحة الأمة والحفاظ على تماسكها، وإعلاء كلمة العقل للوصول إلى كلمة سواء من أجل حقن دماء المسلمين وتفويت الفرصة على المتربصين ممن يحاولون العبث بمجتمعاتنا، وتهديد سلمها الداخلي، وأن يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ نَاسًا مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ مَفَاتِيحُ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جُعِلَ مَفَاتِيحُ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ" رواه البيهقي.
ودعا البيان كافة الخيرين من أمتنا إلى عدم الانجرار لدعوات التكفير والتخوين وإلى الالتزام بما يدعونا إليه ديننا الحنيف من أخلاقيات الأخوة والتكافل والتعاون والتصالح، وذلك لأن الانسياق لمثل هذه الدعوات سيذكي حدة الصراعات بين كافة الأطراف، وسيحمل أجيالنا في الحاضر والمستقبل خسارات كبيرة، وسنكون جميعاً مسؤولين عنها أمام الله تعالى في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: "من قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما ".
وذّكر البيان أبناء أمتنا بما تضمنته رسالة عمان التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وما تضمنته من مصارحات ودعوات للالتزام بمنهج الإسلام في الدعوة إلى الله باللين والرفق، وتحقيق الرحمة والخير للناس والعالمين، وحرمة القتل والاعتداء على حق الحياة لكل إنسان، ونبذ العنف والتطرف بكافة أشكاله، فإننا نؤكد على هذه القيم الإسلامية ونطالب إخواننا في كافة البلاد الإسلامية الالتزام بها، امتثالاً للدين الذي نؤمن به جميعاً، ودفاعاً عن حرمة الإنسان وكرامته التي تعتبر من أهم مقاصد الإسلام، قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم) الإسراء/70.
وقال البيان إن الخروج من هذه المحنة التي تمرّ بها أمتنا يحتاج من كافة علماء الأمة والقائمين على أمرها، العمل على وقف كافة أشكال الصدامات والصراعات والانحياز إلى الحكمة من خلال الحوار والتفاهم، وتغليب مصلحة الأمة على مصالح الأفراد والأحزاب وصولاً إلى استعادة الثقة وتعظيم المشتركات والجوامع وتأجيل الخلافات، على قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المنافع، فالصدامات والصراعات من شأنها أن تؤدي إلى سفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمه جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة "رواه ابن ماجه.
نسأل الله تعالى أن يوحد صفنا وأن يحقن دماء المسلمين وأن يجعل بلدنا الأردن آمناً مطمئنا ًوسائر بلاد المسلمين.