الحكومة في واد والسوق في واد

رغم بعض المؤشرات الاقتصادية الايجابية التي ظهرت في الاسابيع القليلة والمتعلقة اساسا بالمنحة السخية السعودية مما يعني تغطية الالتزامات المالية الطارئة على الخزينة والذي ادى الى ارتفاع العجز الا ان تجاوب الفعاليات والقطاعات الاقتصادية مع تلك الانباء كان ضعيفا للغاية ان لم يكن سلبيا في بعض الاحيان.
فالمؤشر القياسي العام للبورصة تراجع منذ بداية عام 2011 بنسبة 15% او ما يوازي 354 نقطة.
واغلق الخميس الماضي بمستوى 2020 نقطة, والواقع لا يختلف عند باقي القطاعات, فلنسمع من اية جهات خاصة ما هو تأثير انخفاض عجز الموازنة واستقرار الخزينة على واقع الانشطة والمشاريع شبه المجمدة في المملكة, في الحقيقة الامر لا يعنيهم.
عدم تجاوب السوق مع اية معطيات ايجابية عامة له اسبابه لعل من ابرزها هو الاعتقاد العام ان مسيرات الاحتجاج والاعتصامات التي تتكرر مشاهدها كل يوم جمعة اثرت سلبا على بيئة الاعمال المحلية ساهمت في تعزيز حالة عدم اليقين عند رجال الاعمال.
كما ان استقرار المالية العامة لا يعني استقرار النشاط المتعلق باداء القطاع الخاص, فهذا يعاني من تعثر حقيقي ولا يجد اذانا تسمع مشاكله, لا بل يشعر بلامبالاة حكومية تجاه مشاكله التي سببتها الازمة المالية العالمية, فالحكومة غير معنية بالتعامل معه بقدر ما هي تبحث عن حلول وقتية سريعة لمعالجة ازمة العجز.
قدوم مساعدات استثنائية للمملكة لا يعني ابدا ان المشكلة الاقتصادية في الاردن انتهت, بل في الحقيقة ان كل ما في الامر هو ان الازمة تم تخديرها وترحيل تداعياتها الى اشعار اخر ليس ببعيد, فالازمة تتغلغل في بنية النظام الاقتصادي المترنح الان تحت مديونية تناهز ال¯ 13 مليار دينار مع عجز مزمن في الموازنة يتخطى المليار دينار.
الاكثر خطورة في مشهد الاقتصاد الاردني والذي لم تلتفت اليه اية جهة حكومية هو التراجع التدريجي لمعدلات النمو الاقتصادي والتي اظهرت تباطؤا كبيرا في الربع الاول بنسبة 2.3 بالمئة وهو استمرار لحالة التراجع منذ اكثر من عام, والسبب الرئيسي يعود الى تراجع انشطة القطاع الخاص بشكل كبير في الاشهر الماضية وهبوط معدلات الاستهلاك للمواطنين مع تراجع القوة الشرائية للدينار بسبب ارتفاع الاسعار وثبات الاجور.
هناك خلل بنيوي في الاقتصاد الاردني لم يتم معالجته اساسا من قبل الحكومات متمثل في ارتفاع العجوزات والمديونية وهبوط عام في الانشطة الاقتصادية. الامر بحاجة الى شراكة حقيقية بين القطاعين حتى يتسنى اعادة الحيوية الى الاقتصاد الوطني.(العرب اليوم)