بيضة القبان في الانتخابات المقبلة في تركيا

تم نشره الخميس 30 حزيران / يونيو 2022 01:11 صباحاً
بيضة القبان في الانتخابات المقبلة في تركيا
بكر صدقي

يمكن القول بلا مجازفة كبيرة إن بوصلة الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة هي العامل المحدد لكل الحياة السياسية في تركيا خلال ما تبقى من الزمن قبل إجرائها. وهذا الزمن هو أقل من عام واحد سواء تم إجراؤها في موعدها، حزيران 2023، أو قبل ذلك إذا تقرر تقريب هذا الاستحقاق. السلطة والمعارضة على حد سواء تنظران إلى هذا الاستحقاق بوصفه «مصيرياً» وتعدان العدة لتأمين الفوز به، في ظل ضبابية الرؤية بشأن ميول الناخبين المحتملة في اللحظة الحاسمة. على أن الطرفين يبدوان شبه متفقين على أمر واحد هو أن رياح التغيير تزداد رجحاناً بصورة طردية مع تفاقم الوضع الاقتصادي، وفي الواجهة منه موضوع التضخم المنفلت الذي فشلت الإجراءات الحكومية في الحد منه كما من التمويه عليه أو تبريره أو صرف أنظار الرأي العام عنه من خلال إشغاله بمواضيع أخرى.
وفي حين تتصرف المعارضة وكأنها ضامنة للفوز من غير أن تفعل شيئاً من منطلق أن الوضع الاقتصادي كفيل وحده بإسقاط الحكومة الحالية، تدور في كواليس الحزب الحاكم مختلف السيناريوهات للتعامل مع تراجع شعبيته، على رغم محدودية الخيارات المتاحة. وأبرز ما يتم تداوله بهذا الخصوص هو كيف يمكن استمالة ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي أو تحييدهم بما يزيد من حظوظ طرف ويضعف حظوظ الخصم. فمن المرجح أن يلعب ناخبو هذا الحزب دور بيضة القبان في المعركة الانتخابية القادمة.
في هذا الإطار كثرت التسريبات، في الآونة الأخيرة، بشأن انفتاح جديد محتمل على كرد البلاد من قبل الحكومة، ولكن من غير أن يطلق عليه اسم الانفتاح، في صحف معروفة بقربها من الحكومة ودفاعها عنها. فذكرت صحيفة «هرييت» مثلاً أن هناك توجهاً لفك العزلة المفروضة على عبد الله أوجلان منذ سنتين، من خلال العودة إلى السماح بزيارته، لأقربائه أو محاميه. إذا تحقق هذا الاحتمال فهو يعني استخدام ورقة أوجلان، مرة أخرى، ضد حزب الشعوب الديمقراطي في حال قرر الأخير دعم الائتلاف السداسي المعارض أو مرشحه الرئاسي. بل ثمة من يتداولون في احتمال نقل أوجلان من السجن إلى الإقامة الجبرية بعدما أمضى في السجن 23 عاماً، ومن المحتمل أن تغري الحكومة أوجلان بهذا الوعد مقابل استصدار تصريح منه في مواجهة حزب الشعوب.
على أن كلا السيناريوهين المذكورين يتعلقان فقط باحتمال دعم «الشعوب» للائتلاف السداسي المعارض، ليشكل فك العزلة عن أوجلان رداً عليه بهدف إفشاله. ولكن من قال إن «الشعوب» سيدعم الائتلاف السداسي الذي لم يصدر عن قادته أي موقف من شأنه أن يغري الكتلة الناخبة الكردية، ولا يملك أي حزب من أحزابه رؤية متماسكة لحل المشكلة الكردية؟
وعلى رغم كل الضغوط التي يتعرض لها الحزب الكردي، من اعتقال ومحاكمة كوادره القيادية وعزل رؤساء بلدياته المنتخبين وصولاً إلى رفع دعوى قضائية تهدف إلى حل الحزب وحظر النشاط السياسي لـ500 من كوادره، فقد تلاحقت التحذيرات من بعض أركانه للائتلاف المعارض لكي لا يعتبر أصوات ناخبي الحزب مضمونين في جيبه. وفي الأسبوع الماضي قال أحد أبرز القياديين الكرد، أحمد ترك، في حوار صحافي: «نحن لا يهمنا من الذي يمسك بالعصا التي تنهال علينا ضرباً، بل تهمنا العصا نفسها» بمعنى أن انتقال سلطة اضطهاد الكرد من العدالة والتنمية إلى المعارضة ليس فيه ما يغريهم.

 السلطة والمعارضة على حد سواء تنظران إلى هذا الاستحقاق بوصفه «مصيرياً» وتعدان العدة لتأمين الفوز به، في ظل ضبابية الرؤية بشأن ميول الناخبين

فهل يمكن أن يغريهم إذن رفع العصا عنهم أو تخفيف وتيرة الضرب؟
هذا ما تملكه السلطة وتفتقد إليه المعارضة. وفي هذا الإطار ثمة تسريبات تتحدث عن تمايز كتلة داخل الحزب الكردي بدأت تعبر عن حالة الانهاك التي أصابت الحزب بفعل الضغوط المستمرة منذ سبع سنوات، وتتساءل عن جدوى الاستمرار في الخط المعارض الذي اختطه الحزب وكانت كلفته باهظة وما زالت في حالة ارتفاع وصولاً إلى احتمال حل الحزب بقرار قضائي. في حين أن مراجعة خط الحزب قد ترفع هذا السيف المسلط على رقبته. فإذا صحت هذه التسريبات أو التكهنات فهذا يعني نوعاً من شق صفوف ناخبي الحزب أو تشتيت أصواتهم بما يؤدي إلى نتيجة هي لمصلحة السلطة.
الموضوع الآخر الذي يطرح يومياً أمام الرأي العام هو من يكون مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية؟ فشخص المرشح سيلعب دوراً حاسماً في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية بالنظر إلى أن الرئيس أردوغان يبقى مرشحاً قوياً حتى لو كان الحصول على 50+1% من أصوات الناخبين صعباً عليه، وسيتطلب التغلب عليه اختيار مرشح يفوقه شعبية ويحظى بإجماع أحزاب المعارضة. اللافت أن السلطة تضغط يومياً على الائتلاف المعارض ليختار مرشحه للانتخابات الرئاسية إلى درجة دفعت بأحد المعلقين للقول: «يبدو أن السلطة هي التي ستقرر من يكون مرشح المعارضة». وتتمنى السلطة ان يكون رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو هو مرشح الائتلاف السداسي، باعتباره خصماً سهلاً امام أردوغان، فالبيئة المحافظة لا تنظر إلى زعيم التيار العلماني بعين الرضى.
تدور الاحتمالات الأخرى حول رئيسي بلديتي إسطنبول وانقرة، أكرم إمام أوغلو ومنصور يواش على التوالي، بعد فوزهما الساحق في الانتخابات البلدية للعام 2019، على مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم. وقد تعرض الرجلان لحملات منظمة من السلطة وإعلامها لإبعادهما عن احتمال الترشيح، ووقعا في «أخطاء تكتيكية» في الآونة الأخيرة أدت إلى حملات مضادة لهما من البيئة المعارضة أيضاً. بالمقابل ثمة مؤشرات كثيرة إلى احتمال ترشيح كلجدار أوغلو فعلاً كمرشح للمعارضة. أم أن «الطاولة السداسية» تخبئ مفاجأة بخصوص اسم مرشحها؟ هذا ما ستجيب عنه الأسابيع المقبلة.
كاتب سوري

القدس العربي 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات