بريطانيا.. انفلونزا الربيع العربي!

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان...وليس بالديموقراطية وحدها تشبع المجتمعات... ولكن العدالة هي الاساس. فقد قال ابن تيمية:» ان الله ينصر الدولة الكافرة ان كانت عادلة ويهزم الدولة المسلمة ان كانت ظالمة»... ولذا فان العدل الذي هو اساس المُلك او الحكم مقدم على ما سواه. فمن وفّر العدل وفر الامن والاستقرار...
بريطانيا هي نموذج غربي على تراكم الصدأ الناتج عن التميز والتهميش وتصلب شرايين الديموقراطية النمطية التي لا تفتش المضامين المعمول بها على قاعدة انسانية عامة لتكون لكل رعاياها او مواطنيها او من هم على ارضها.
هذه لندن تحترق في حريق يعيد صورة حريق القاهرة في الخمسينات وحرائق لندن مرشحة للازدياد ولا ينفع معها ان تبرر بهذا الشكل او ذاك حتى وان ظهر رئيس الوزراء البريطاني الشاب غاضبا على الشرطة ومحملا لها المسؤولية كجهاز ترهّل وفساد... فماذا نقول عن العالم الثالث وعن اجهزة الشرطة فيه؟
ثمة عنصرية ما زالت كامنة في السلوك الغربي وخاصة في بريطانيا رغم نصاعة القوانين وارتقائها والتغني بالديموقراطية العريقة منذ ثلاثمائة عام واكثر... ثمة من لم يجر هضمهم في المجتمعات الانجليزية وان رغبوا. فقد ظلت امامهم حواجز على اسس دينية او عرقية او اجتماعية ثقافية...
المحتجون على الحالة الاجتماعية البريطانية ليسوا عربا او مهاجرين او مسلمين وان كان بينهم من هؤلاء ولكنهم انجليز وخليط من المهمشين من كل التكوينات عبّروا عن غضبهم امام الحالة التي كانت تغطى باساليب اخرى وهم يتأثرون بما يجري في العالم بعد ان اصبح العالم قرية صغيرة يمكن استنساخ تجارب دوله وشعوبه في كل شيء وحتى في حركات الاحتجاج...
فالاميركيون في احدى ولاياتهم هاجموا البلدية ومركز حاكم الولاية ورفعوا شعارات ميدان التحرير في القاهرة وصوره...
الادارة البريطانية نفسها شعرت بخطر وسائل التواصل الاجتماعي وشبكاته وفكرت بقطعه في حال تطورت الظروف بل ربما تستفيد الخبرات البريطانية بما يتوفر للخبرات العربية في هذا المجال والتي قد تصبح الخبرة العربية برسم عالمي لتفوقها واشكال افانينها التي قد لا يستطيع البريطانيون استيرادها لاسباب قانونية تمنعهم ولوجود من يحاسب في الشارع على أي مخالفات دستورية...
ولان حقوق الانسان ما زالت هي الشعار فان المحاكم البريطانية تعمل ليل نهار لمحاكمة (1500) مخالفة ومخالف ممّن سمّوا بالمشاغبين وليس الارهابيين او العملاء او المدسوسين كما يُسمّي النظام العربي من يحتجون عليه...عمل المحاكم ليل نهار وبنظام «بارت تايم» وساعات العمل الاضافي حتى لا يستمر في الحجز من قد يكون بريئا فلا يبقى لاسابيع أو اشهر أو سنوات كما في البلدان العربية قبل ان يُخلى سبيله...
وسائل الاعلام قالت ان عدم التوسع في الاعتقالات وعدم الاخذ بالاسلوب العشوائي في ذلك مرده لعدم اتساع السجون وقدرتها على التحمل... لاحظوا بريطانيا ذات المائة مليون نسمة لا تتسع سجونها لما يزيد عن (1500) في حين وسعت السجون السورية (16) الفا جددا بعد الاحتجاجات المستمرة وهي التي قيل فيها «ان من يدخلها مفقود ومن يخرج منها مولود»..
هل تذوق بريطانيا الان نفس الكأس الذي اذاقته للعراقيين في البصرة..؟
هل اصبحت على قائمة الاحتجاج..؟ وهل اصابتها انفلونزا الربيع العربي..؟! كيف لا وقد كانت مربط خيولهم ومكنون اسرارهم..؟!(الراي)