كيف نحسب عدد المتظاهرين?

في التجمعات الشعبية, يعتبر عدد المشاركين مؤشراً مهما على النجاح أو الفشل, ولذلك يميل أنصار التجمع إلى رؤية العدد كبيراً بينما يميل خصومهم إلى العكس, وقد يجري ذلك بلا وعي أو قصد عند كلا الفريقين.
في الأماكن المفتوحة كالشوارع تكون الفرصة متاحة لتعدد التقديرات وخاصة عندما يكون التجمع على شكل مظاهرة متحركة, فهناك فرق بين أن تحصي المتفرجين الواقفين على الرصيف أو أن تستثنيهم. ورغم أن قادة الهتافات في كل مظاهرة عادة ما يرددون هتافاً خاصاً موجهاً لإدانة هؤلاء المتفرجين ويتهمونهم بالجبن والتقاعس, إلا أن الناطقين الرسميين باسم المتظاهرين يحسبونهم عند إعلان العدد.
رجال الأمن يحاولون إيجاد فاصل بين الفريقين, وهم بالطبع لا يحسبون المتفرجين ضمن العدد المعلن رسمياً, لكنهم لا يخفون استثقالهم لهؤلاء المتفرجين نظراً لعدم وضوح موقفهم. وقبل أسابيع وعندما لاحظ احد الضباط أني أتنقل بين المتظاهرين والمتفرجين سحبني من ذراعي وقال لي بغضب: "يا أخي يا هون يا هون", وقد تفهمت موقفه جيداً واخترت أحد "الهونين".
هناك تقنيات للتمويه, فقد لاحظت أن الإسلاميين بما يتمتعون به من قدرات في التنظيم, يميلون عندما يكون العدد قليلاً إلى جعل أنصارهم يسيرون في صفوف تفصل بينها مسافات متباعدة وهو ما يتيح الفرصة لإطالة حجم المظاهرة أمام الناظر أو المصور الذي يقف في المقدمة, كما ان العَلَم الكبير الذي يتم حمله أحياناً بشكل أفقي مهيب يؤدي دوراً في المشهد لأن المتظاهرين لا يسيرون تحته.
أهم ما في الأمر أن المتظاهرين وخصومهم يتميزون دائماً بإحساس دقيق بالعدد الحقيقي, وهو إحساس لا يخيب أبداً بغض النظر عن الرقم المعلن رسمياً عند الطرفين.(العرب اليوم)